للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطالبين، خالصة الملوك والسلاطين [١] عبد الرحمن بن خلدون المالكي. أدام الله نعمته، فإنه أولى بالإكرام، وأحرى، وأحقّ بالرعاية وأجلّ قدرا، وقد هاجر إلى ممالكنا الشريفة، وآثر الإقامة عندنا بالديار المصرية، لا رغبة عن بلاده، بل تحبّبا إلينا، وتقرّبا إلى خواطرنا، بالجواهر النفيسة، من ذاته الحسنة، وصفاته الجميلة، ووجدنا منه فوق ما في النفوس، مما يجلّ عن الوصف ويربي على التعداد. يا له من غريب وصف ودار، قد أتى عنكم بكل غريب، وما برح- من حين ورد علينا- يبالغ في شكر الحضرة العليّة، ومدح صفاتها الجميلة، إلى أن استمال خواطرنا الشريفة إلى حبّها، وآثرنا المكاتبة إليها.

«والعين تعشق قبل الأذن أحيانا» [٢]

وذكر لنا في أثناء ذلك، أهله وأولاده، في مملكة تونس تحت نظر الحضرة العليّة، وقصد إحضارهم إليه ليقيموا عنده، ويجتمع شمله بهم مدة إقامته عندنا، فاقتضت آراؤنا الشريفة، الكتابة إلى الحضرة العليّة لهذين السببين الجميلين، وقد آثرنا إعلام الحضرة العليّة بذلك، ليكون على خاطره الكريم، والقصد من محبته، يقدّم أمره العالي بطلب أهل الشيخ وليّ الدين المشار إليه، وإزاحة أعذارهم، وإزالة عوائقهم، والوصيّة بهم، وتجهيزهم إليه مكرّمين، محترمين، على أجمل الوجوه صحبة قاصده الشيخ الصالح، العارف السالك الأوحد، سعد الدين مسعود المكناسي، الواصل بهذه المكاتبة أعزه الله، ويكون تجهيزهم على مركب من مراكب الحضرة للعلية، مع توصية من بها من البحرية بمضاعفة إكرام المشار إليهم ورعايتهم، والتّأكيد عليهم في هذا المعنى، وإذا وصل من بها من البحرية، كان لهم الأمن والإحسان فوق ما في أنفسهم، ويربي على أملهم، بحيث يهتمّ بذلك على ما عهد من محبّته، وجميل اعتماده، مع ما يتحف به من مراسلاته، ومقاصده ومكاتباته. والله تعالى يحرسه بملائكته وآياته، بمنّه ويمنه إن شاء الله.


[١] اصطلحوا على أن يلحقوا ياء النسب بآخر الألقاب المفردة للمبالغة في التعظيم، ثم جعلوا النسبة الى نفس صاحب اللقب أرفع رتبة من النسبة الى شيء خارج عنه. ومن هنا كان «الاجلي» و «القاضوي» ارفع رتبة من «الجلالي» ، و «القضائي» . صبح الأعشى ٦/ ٧٨، ١٠٠. ثم ان لهذه الألقاب دلالات متعارفة خاصة. تولى تحديدها القلقشندي في صبح الأعشى ٧/ ٢٠، ٧٣.
[٢] عجز بيت لبشار بن برد، وصدره- كما في الأغاني ٣/ ١٩ بولاق:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والاذن......
»

<<  <  ج: ص:  >  >>