للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفارس، من أيدي بني بويه، وملكهم يومئذ طغرلبك [١] بن ميكائيل من بني سلجوق، وغلب على بغداد [٢] من يد بني معزّ الدولة بن بويه المستبدّين على الخليفة يومئذ المطيع [٣] ، وحجره عن التصرّف في أمور الخلافة والملك، ثم تجاوز إلى عراق العرب، فغلب على ملوكه، وأبادهم، ثم بلاد البحرين وعمان، ثم على الشّام، وبلاد الرّوم، واستوعب ممالك الإسلام كلّها، فأصارها في ملكه، وانقبضت العرب راجعة إلى الحجاز، مسلوبة من الملك، كأن لهم فيه نصيب، وذلك أعوام الأربعين والأربعمائة، وخرج الإفرنج على بقايا بني أميّة بالأندلس، فانتزعوا الملك من أيديهم، واستولوا على حواضر الأندلس وأمصارها، وضاق النّطاق على العبيديّين بالقاهرة بملوك الغزّ يزاحمونهم فيها من الشام، بمحمود بن زنكي وغيره [٤] من أبنائهم ومماليكهم، وبملوك المغرب قد اقتطعوا ما وراء الإسكندرية، بملوك صنهاجة في إفريقية، والملثّمين المرابطين بعدهم بالمغرب الأقصى والأوسط، والمصامدة الموحّدين بعدهم كذلك، وأمام الغزّ والسّلجوقية في ملك المشرق، وبنوهم ومواليهم من بعدهم إلى انقضاء القرن السادس، وقد فشل ريح الغزّ، واختلّت دولتهم، فظهر فيهم جنكيزخان أمير المغل من شعوب الططر [٥] ، وكان كاهنا، وجدّه النجر كاهنا مثله. ويزعمون أنه ولد من غير أب [٦] ، فغلب الغزّ في المفازة، واستولى على ملك الططر، وزحف إلى كرسيّ


[ () ] جبلية عظيمة في جنوب عراق العجم من بلاد فارس، وتطلق أصفهان على الإقليم أيضا، فتحت في سنة ٢٣ هـ في أيام عمر بن الخطاب (معجم البلدان) .
[١] أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق، ركن الدين طغرلبك (٣٨٥- ٤٥٥) . وفيات الأعيان ٢/ ٥٩- ٦٠.
[٢] كان دخول بغداد والعراق سنة ٤٤٧. وفيات الأعيان ٢/ ٦٠، تاريخ دولة آل سلجوق ص ٩.
[٣] كذا بالأصل: «المطيع» والصواب: «القائم» لأنه الّذي عاصر طغرلبك. وهو أبو جعفر عبد الله بن القادر، القائم بأمر الله. ولد سنة ٣٩١، وولي الخلافة سنة ٤٢٢، وتوفي سنة ٤٦٧. تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٦٧- ١٦٩.
[٤] رسمه، على قاعدته التي قررها في أول «المقدمة» بصاد وسطها زاي اشارة الى أن الصاد تشم- عند النطق بها- زايا. وانظر أخبار تملك محمود بن زنكي، في تاريخ أبي الفداء ٣/ ٣٠- ٥٨.
[٥] ولد جنكيزخان ويقال جنكس قان) في سنة ٥٤٩، وهو من قبيلة تركية تسمى ثيات من أشهر قبائل المغل، وأكثرهم عددا، وكان اسمه- حين بلغ من العمر ١٣ سنة- تموجين ثم أصاروه: «جنكيز» ، و «خان» تمام الاسم، وهو بمعنى الملك عندهم. العبر م ٥.
[٦] ينتهي نسبه إلى: «بوذ نسبه إلى: «بوذنجر بن الان قوى» ، وألان قوى اسم امرأة هي جدتهم، كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>