للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفر مع ابنه غير مستبين الوجهة، والسفر إلى صفد أقرب السواحل إلينا أملك لأمري، فقلت له ذلك، فأجاب إليه، وأوصي بي قاصدا كان عنده من حاجب صفد ابن الدّاويداري [١] ، فودعته وانصرفت، واختلفت الطريق مع ذلك القاصد، فذهب عنّي، وذهبت عنه، وسافرت في جمع أصحابي، فاعترضتنا جماعة من العشير قطعوا علينا الطّريق، ونهبوا ما معنا، ونجونا إلى قرية هنالك عرايا.

واتّصلنا بعد يومين أو ثلاث بالصّبيبة فخلفنا بعض الملبوس، وأجزنا إلى صفد، فأقمنا بها أياما. ثم مر بنا مركب من مراكب ابن عثمان سلطان بلاد الرّوم، وصل فيه رسول كان سفر إليه عن سلطان مصر، ورجع بجوار رسالته، فركبت معهم البحر إلى غزّة، ونزلت بها، وسافرت منها إلى مصر، فوصلتها في شعبان من هذه السّنة، وهي سنة ثلاث وثمانمائة، وكان السلطان صاحب مصر، قد بعث من بابه سفيرا إلى الأمير تمر إجابة إلى الصلح الّذي طلب منه، فأعقبني إليه. فلما قضى رسالته رجع، وكان وصوله بعد وصولي، فبعث إليّ مع بعض أصحابه يقول لي: إنّ الأمير تمر قد بعث معي إليك ثمن البغلة التي ابتاع منك، وهي هذه فخذها، فإنّه عزم علينا من خلاص ذمّته من مالك هذا. فقلت لا أقبله إلا بعد إذن من السّلطان الّذي بعثك إليه، وأما دون ذلك فلا. ومضيت إلى صاحب الدّولة فأخبرته الخبر فقال وما عليك؟ فقلت: إنّ ذلك لا يجمل بي أن أفعله دون إطلاعكم عليه، فأغضى عن ذلك، وبعثوا إليّ بذلك المبلغ بعد مدّة، واعتذر الحامل عن نقصه بأنه أعطيه كذلك، وحمدت الله على الخلاص.

وكتبت حينئذ كتابا إلى صاحب المغرب، عرّفته بما دار بيني وبين السلطان الطّطر تمر، وكيف كانت واقعته معنا بالشّام، وضمّنت ذلك في فصل من الكتاب نصّه:

«وإن تفضّلتم بالسؤال عن حال المملوك، فهي بخير والحمد للَّه، وكنت في العام الفارط توجّهت صحبة الركاب السلطاني إلى الشام عند ما زحف الطّطر إليه من بلاد الروم والعراق، مع ملكهم تمر، واستولى على حلب وحماة وحمص وبعلبكّ،


[١] كذا بالأصل وفي عجائب المقدور ص ١١٣: « ... وكان في صفد تاجر من أهل البلاد أحد الرؤساء والتجار، يدعى علاء الدين، وينسب الى دوادار، كان تقدمت له خدمة على السلطان فولاه حجابة ذلك المكان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>