للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبل عليه من الفكر في عواقب أحواله، لا بدّ أن يفكّر فيما يدفع عنه الأذى من الحرّ والبرد كاتّخاذ البيوت المكتنفة بالسّقف والحيطان من سائر جهاتها [١] والبشر مختلف في هذه الجبلّة الفكريّة فمنهم المعتدلون فيها فيتّخذون ذلك باعتدال أهالي [٢] الثّاني والثّالث والرّابع والخامس والسّادس وأمّا أهل البدو فيبعدون عن اتّخاذ ذلك لقصور أفكارهم عن إدراك الصّنائع البشريّة فيبادرون للغيران والكهوف المعدّة من غير علاج [٣] . ثمّ المعتدلون والمتّخذون البيوت للمأوى قد يتكاثرون في البسيط الواحد بحيث يتناكرون ولا يتعارفون فيخشون طرق [٤] بعضهم بعضا بياتا فيحتاجون إلى حفظ مجتمعهم بإدارة ماء أو أسوار تحوطهم [٥] ويصير جميعا مدينة واحدة ومصرا واحدا ويحوطهم الحكم من داخل يدفع [٦] بعضهم عن بعض وقد يحتاجون إلى الانتصاف [٧] ويتّخذون المعاقل والحصون لهم ولمن تحت أيديهم وهؤلاء مثل الملوك ومن في معناهم من الأمراء وكبار القبائل. ثمّ تختلف أحوال البناء في المدن كلّ مدينة على ما يتعارفون ويصطلحون عليه ويناسب مزاج هوائهم واختلاف أحوالهم في الغنى والفقر. وكذا حال أهل المدينة الواحدة فمنهم من يتّخذ القصور والمصانع العظيمة السّاحة المشتملة على عدّة الدّور والبيوت والغرف الكبيرة لكثرة ولده وحشمه وعياله وتابعه ويؤسّس جدرانها بالحجارة ويلحم بينها بالكلس ويعالي عليها بالأصبغة والجصّ ويبالغ في كلّ ذلك بالتّنجيد والتّنميق إظهارا للبسطة بالعناية في شأن


[١] وفي النسخة الباريسية: «لا بد له أن يفكر في موانع أذية الحر والبرد عنه باتخاذ البيوت ذوات الحيطان والسقف الماثلة دونه من جهاتها» .
[٢] وفي نسخة أخرى: «والبشر مختلفون في هذه الجبلّة الفكرية التي هي معنى الإنسانية. فالمقيّدون فيها. ولو على التفاوت. يتخذون ذلك باعتدال كأهل الإقليم ... » .
[٣] وفي النسخة الباريسية: «وأما أهل الأول والسابع فيبعدون عن اتخاذ ذلك لانحرافهم وقصور أفكارهم عن كيفية العمل في الصنائع الإنسانية. فيأوون إلى الغيران والكهوف. كما يتناولون الأغذية من غير علاج ولا نضج» .
[٤] وفي نسخة أخرى: ويخشى من طروق.
[٥] وفي نسخة أخرى: بإدارة سياج الأسوار التي تحيطهم.
[٦] وفي نسخة أخرى: يحوطهم فيها الحكام بدفاع ...
[٧] وفي نسخة أخرى: إلى الاعتصام من العدو ...

<<  <  ج: ص:  >  >>