للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأوى. ويهيّئ مع ذلك الأسراب والمطامير للاختزان لأقواته والإسطبلات لربط مقرّباته إذا كان من أهل الجنود وكثرة التّابع والحاشية [١] كالأمراء ومن في معناهم ومنهم من يبني الدّويرة والبيوت [٢] لنفسه وسكنه وولده لا يبتغي ما وراء ذلك لقصور حاله عنه واقتصاره على الكنّ [٣] الطّبيعيّ للبشر وبين ذلك مراتب غير منحصرة وقد يحتاج لهذه الصّناعة أيضا عند تأسيس الملوك وأهل الدّول المدن العظيمة والهياكل المرتفعة ويبالغون في إتقان الأوضاع وعلوّ الأجرام مع الإحكام بتبلغ الصّناعة مبالغها. وهذه الصّناعة هي الّتي تحصّل الدّواعي لذلك كلّه وأكثر ما تكون هذه الصّناعة في الأقاليم المعتدلة من الرّابع وما حواليه إذ الأقاليم المنحرفة لا بناء فيها. وإنّما يتّخذون البيوت حظائر من القصب والطّين أو يأوون إلى الكهوف والغيران. وأهل هذه الصّناعة القائمون عليها متفاوتون: فمنهم البصير الماهر ومنهم القاصر. ثمّ هي تتنوّع أنواعا كثيرة فمنها البناء بالحجارة المنجدة أو بالآجر يقام بها الجدران ملصقا بعضها إلى بعض بالطّين والكلس الّذي يعقد معها ويلتحم كأنّها جسم واحد ومنها البناء بالتّراب خاصّة تقام منه حيطان يتّخذ لها لوحان من الخشب مقدّران طولا وعرضا باختلاف العادات في التّقدير. وأوسطه أربع أذرع في ذراعين فينصبان على أساس وقد يوعد ما بينهما بما يراه صاحب البناء في عرض الأساس ويوصل بينهما بأذرع من الخشب يربط عليها بالحبال والجدر [٤] . ويسدّ الجهتان الباقيتان من ذلك الخلاء بينهما بلوحين آخرين صغيرين ثمّ يوضع فيه التّراب مخلّطا [٥] بالكلس ويركز بالمراكز المعدّة حتّى ينعم ركزه ويختلط أجزاؤه بالكلس ثمّ


[١] وفي النسخة الباريسية: والغاشية.
[٢] وفي النسخة الباريسية: والبويت.
[٣] الكنّ: وقاء كل شيء وستره.
[٤] وفي نسخة أخرى: الجدل.
[٥] وفي نسخة أخرى: مختلطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>