للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه، فيبقى ذلك الغذاء دون نضج، وسببه غالبا كثرة الغذاء في المعدة حتّى يكون أغلب على الحارّ الغريزيّ أو إدخال الطّعام إلى المعدة قبل أن تستوفي طبخ الأوّل فيستقلّ [١] به الحارّ الغريزيّ ويترك الأوّل بحالة أو يتوزّع عليهما فيقصر عن تمام الطّبخ والنّضج. وترسله المعدة كذلك إلى الكبد فلا تقوى حرارة الكبد أيضا على إنضاجه. وربّما بقي في الكبد من الغذاء الأوّل فضلة غير ناضجة.

وترسل الكبد جميع ذلك إلى العروق غير ناضج كما هو. فإذا أخذ البدن حاجته الملائمة أرسله مع الفضلات الأخرى من العرق والدّمع واللّعاب إن اقتدر على ذلك. وربّما يعجز عن الكثير منه فيبقى في العروق والكبد والمعدة وتتزايد مع الأيّام. وكلّ ذي رطوبة من الممتزجات إذا لم يأخذه الطّبخ والنّضج يعفّن فيتعفّن ذلك الغذاء غير النّاضج وهو المسمّى بالخلط. وكلّ متعفّن ففيه حرارة غريبة وتلك هي المسمّاة في بدن الإنسان بالحمّى. واختبر [٢] ذلك بالطّعام إذا ترك حتّى يتعفّن وفي الزّبل إذا تعفّن أيضا، كيف تنبعث فيه الحرارة وتأخذ مأخذها. فهذا معنى الحمّيات في الأبدان وهي رأس الأمراض وأصلها كما وقع في الحديث. وهذه الحميّات علاجها [٣] بقطع الغذاء عن المريض أسابيع معلومة ثمّ يتناول [٤] الأغذية الملائمة حتّى يتمّ برؤه. وذلك في حال الصّحّة له علاج في التّحفّظ من هذا المرض وغيره وأصله كما وقع في الحديث وقد يكون ذلك العفن في عضو مخصوص، فيتولّد عنه مرض في ذلك العضو ويحدث جراحات في البدن:

إمّا في الأعضاء الرّئيسيّة أو في غيرها. وقد يمرض العضو ويحدث عنه مرض القوى الموجودة له. هذه كلّها جمّاع الأمراض، وأصلها في الغالب من الأغذية وهذا كلّه مرفوع إلى الطّبيب. ووقوع هذه الأمراض في أهل الحضر والأمصار أكثر، لخصب عيشهم وكثرة مأكلهم وقلّة اقتصارهم على نوع واحد من الأغذية وعدم توقيتهم


[١] وفي نسخة أخرى: فيشتغل.
[٢] وفي نسخة أخرى: واعتبر.
[٣] وفي نسخة أخرى: علاجات.
[٤] وفي نسخة أخرى: ثم تناوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>