بوجه وإنّما مرادهم التّلحين البسيط الّذي يهتدي إليه صاحب المضمار بطبعه كما قدّمناه فيردّد أصواته ترديدا على نسب يدركها العالم بالغناء وغيره ولا ينبغي ذلك بوجه وإنّما المراد من اختلافهم التّلحين البسيط الّذي يهتدي إليه صاحب المضمار بطبعه كما قدّمناه، فيردّد أصواته ترديدا على نسب يدركها العالم بالغناء وغيره، ولا ينبغي ذلك بوجه كما قاله مالك. هذا هو محلّ الخلاف. والظّاهر تنزيه القرآن عن هذا كلّه كما ذهب إليه الإمام رحمه الله تعالى لأنّ القرآن محلّ خشوع بذكر الموت وما بعده وليس مقام التذاذ بإدراك الحسن من الأصوات. وهكذا كانت قراءة الصّحابة رضي الله عنهم كما في أخبارهم. وأمّا قوله صلّى الله عليه وسلّم:«لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود» فليس المراد به التّرديد والتّلحين إنّما معناه حسن الصّوت وأداء القراءة والإبانة في مخارج الحروف والنّطق بها. وإذ قد ذكرنا معنى الغناء فاعلم أنّه يحدث في العمران إذا توفّر وتجاوز حدّ الضّروريّ إلى الحاجيّ، ثمّ إلى الكماليّ، وتفنّنوا فيه، فتحدث هذه الصّناعة، لأنّه لا يستدعيها إلّا من فرغ من جميع حاجاته الضّروريّة والمهمّة من المعاش والمنزل وغيره فلا يطلبها إلّا الفارغون عن سائر أحوالهم تفنّنا في مذاهب الملذوذات. وكان في سلطان العجم قبل الملّة منها بحر زاخر في أمصارهم ومدنهم. وكان ملوكهم يتّخذون ذلك ويولعون به، حتّى لقد كان لملوك الفرس اهتمام بأهل هذه الصّناعة، ولهم مكان في دولتهم، وكانوا يحضرون مشاهدهم ومجامعهم ويغنّون فيها. وهذا شأن العجم لهذا العهد في كلّ أفق من آفاقهم، ومملكة من ممالكهم. وأمّا العرب فكان لهم أوّلا فنّ الشّعر يؤلّفون فيه الكلام أجزاء متساوية على تناسب بينها في عدّة حروفها المتحرّكة والسّاكنة. ويفصّلون الكلام في تلك الأجزاء تفصيلا يكون كلّ جزء منها مستقلا بالإفادة، لا ينعطف على الآخر. ويسمّونه البيت. فتلائم الطّبع بالتّجزئة أوّلا، ثمّ يتناسب الأجزاء في المقاطع والمبادئ، ثمّ بتأدية المعنى المقصود وتطبيق الكلام عليها. فلهجوا