للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من منسوخه» .

وكان للشّافعيّ رضي الله عنه فيه قدم راسخة. (ومن علوم الأحاديث [١] النّظر في الأسانيد ومعرفة ما يجب العمل به من الأحاديث بوقوعه على السّند الكامل الشّروط لأنّ العمل إنّما وجب بما يغلب على الظّنّ صدقه من أخبار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيجتهد في الطّريق الّتي تحصّل ذلك الظّنّ وهو بمعرفة رواة الحديث بالعدالة والضّبط. وإنّما يثبت ذلك بالنّقل عن أعلام الدّين لتعديلهم وبراءتهم من الجرح والغفلة ويكون لنا ذلك دليلا على القبول أو التّرك. وكذلك مراتب هؤلاء النّقلة من الصّحابة والتّابعين وتفاوتهم في ذلك وتميّزهم فيه واحدا واحدا.

وكذلك الأسانيد تتفاوت باتّصالها وانقطاعها بأن يكون الرّاوي لم يلق الرّاوي الّذي نقل عنه وبسلامتها من العلل الموهنة لها وتنتهي بالتفاوت إلى طرفين فحكم [٢] بقبول الأعلى وردّ الأسفل. ويختلف في المتوسّط بحسب المنقول عن أئمّة الشّأن. ولهم في ذلك ألفاظ اصطلحوا على وضعها لهذه المراتب المرتّبة. مثل الصّحيح والحسن والضّعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والشّاذّ والغريب، وغير ذلك من ألقابه المتداولة بينهم. وبوّبوا على كلّ واحد منها ونقلوا ما فيه من الخلاف لأئمّة اللّسان أو الوفاق. ثمّ النّظر في كيفيّة أخذ الرّواية [٣] بعضهم عن بعض بقراءة أو كتابة أو مناولة أو إجازة وتفاوت رتبها وما للعلماء في ذلك من الخلاف بالقبول والرّدّ. ثمّ اتّبعوا ذلك بكلام في ألفاظ تقع في متون الحديث من غريب أو مشكل أو تصحيف أو مفترق منها أو مختلف وما يناسب ذلك. هذا معظم ما ينظر فيه أهل الحديث وغالبة وكانت أحوال نقلة الحديث في عصور السّلف من الصّحابة والتّابعين معروفة عند أهل بلده فمنهم بالحجاز ومنهم بالبصرة والكوفة من العراق ومنهم بالشّام ومصر والجميع معروفون مشهورون في


[١] وفي نسخة أخرى: الحديث.
[٢] وفي النسخة الباريسية: إلى طريقتين يحكم..
[٣] وفي نسخة أخرى: الرواة.

<<  <  ج: ص:  >  >>