للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعصارهم وكانت طريقة أهل الحجاز في أعصارهم في الأسانيد أعلى ممّن سواهم وأمتن في الصّحّة لاستبدادهم [١] في شروط النّقل من العدالة والضّبط وتجافيهم عن قبول المجهول الحال في ذلك) [٢] وسند [٣] الطّريقة الحجازيّة بعد السّلف الإمام مالك عالم المدينة رضي الله تعالى عنه ثمّ أصحابه مثل الإمام محمّد بن إدريس الشّافعيّ رضي الله تعالى عنه، وابن وهب وابن بكير والقضبي ومحمّد بن الحسن ومن بعدهم الإمام أحمد بن حنبل وفي آخرين من أمثالهم. وكان علم الشّريعة في مبدإ هذا الأمر نقلا صرفا شمّر لها السّلف وتحرّوا الصّحيح حتّى أكملوها. وكتب مالك رحمه الله كتاب الموطّإ أودعه أصول الأحكام من الصّحيح المتّفق عليه ورتّبه على أبواب الفقه. ثمّ عني الحافظ بمعرفة طرق الأحاديث


[١] وفي نسخة أخرى: لاشتدادهم.
[٢] إن المحصور بين () ورد في النسخة الباريسية على شكلين: ورد في الشرح كما في نسختنا هذه.
وورد في المتن على الوجه التالي: ومن علوم الحديث معرفة القوانين التي وضعها أئمة المحدثين لمعرفة الأسانيد والرواة وأسمائهم وكيفية أخذ بعضهم عن بعض وأحوالهم وطبقاتهم واختلاف اصطلاحاتهم. وتحصيل ذلك ان الإجماع واقع على وجود العمل بالخير الثابت عن رسول الله وذلك بشرط أن يغلب على الظن صدقه.
فيجب على المجتهد تحقيق الطرق التي تحصل ذلك الظن. وذلك بالنظر في أسانيد الحديث بمعرفة رواته بالعدالة والضبط والإتقان والبراءة من السهو والغفلة. بوصف عدول الأمة لهم بذلك. ثم تفاوت مراتبهم فيه. ثم كيفية رواية بعضهم عن بعض. بسماع الراويّ من الشيخ أو قراءته عليه أو سماعه يقرأ عليه. وكتابة الشيخ له أو مناولته أو أجازته في الصحة والقبول منقول عنهم. وأعلى مراتب المقبول عندهم الصحيح ثم الحسن. وأدون مراتبها الضعيف. وتشتمل على المرسل والمنقطع والفصل والعلل والشاذ والغريب والمنكر: فمنها ما اختلفوا في رده ومنها ما اجتمعوا عليه. وذلك شأنهم في الصحيح: فمنه ما اجتمعوا على قبوله وصحته. ومنه ما اختلفوا فيه. وبينهم في تفسير هذه الألقاب اختلاف كثير ثم اتبعوا ذلك بالكلام في ألفاظ تقع في متون الحديث من غريب أو مشكل أو تصحيف أو مفترق. ووضعوا لهذه الفصول كلها قانونا كفيلا ببيان تلك المراتب والألقاب وسلامة الطرق عن دخول النقص فيها. وأول من وضع في هذا القانون من فحول أئمة الحديث أبو عبد الله الحاكم وهو الّذي هذبه وأظهر محاسنه. وتواليفه فيه مشهورة. ثم كتب أئمتهم فيه من بعده. واشتهر كتاب للمتأخرين فيه كتاب أبي عمر بن الصلاح. كان في أوائل المائة السابعة وتلاه محيي الدين النووي بمثل ذلك. والفن شريف في مغزاه لأنه معرفة ما يحفظ به السنن المنقولة عن صاحب الشريعة حتى يتعين قبولها أو ردها. واعلم أن رواة السنة من الصحابة والتابعين معروفون في أوصار الإسلام. منهم بالحجاز وبالكوفة والبصرة ثم بالشام ومصر. والجميع معروفون ومشهورون في أعصارهم. وكانت طريقة أهل الحجاز في الأسانيد أعلى ممن سواهم وأمتن في الصحة. لاشتدادهم في شروط النقل من العدالة والضبط. بتجافيهم عن قبول المستورين المجهولة أحوالهم.
[٣] وفي نسخة أخرى: وسيّد.

<<  <  ج: ص:  >  >>