للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسانيدها المختلفة. وربّما يقع إسناد الحديث من طرق متعدّدة عن رواة مختلفين وقد يقع الحديث أيضا في أبواب متعدّدة باختلاف المعاني الّتي اشتمل عليها. وجاء محمّد بن إسماعيل البخاريّ إمام المحدّثين في عصره فخرّج أحاديث السّنّة على أبوابها في مسندة الصّحيح بجميع الطّرق الّتي للحجازيّين والعراقيّين والشّاميّين. واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه وكرّر الأحاديث يسوقها في كلّ باب بمعنى ذلك الباب الّذي تضمّنه الحديث فتكرّرت لذلك أحاديثه حتّى يقال: إنّه اشتمل على تسعة [١] آلاف حديث ومائتين، منها ثلاثة آلاف متكرّرة وفرق الطّرق والأسانيد عليها مختلفة في كلّ باب. ثمّ جاء الإمام مسلم بن الحجّاج القشيريّ رحمه الله تعالى فألّف مسندة الصّحيح. حذا فيه حذو البخاريّ في نقل المجمع عليه وحذف المتكرّر منها وجمع الطّرق والأسانيد وبوّبه على أبواب الفقه وتراجمه. ومع ذلك فلم يستوعبا الصّحيح كلّه. وقد استدرك النّاس عليهما في ذلك. ثمّ كتب أبو داود السّجستانيّ وأبو عيسى التّرمذيّ وأبو عبد الرّحمن النّسائيّ في السّنن بأوسع من الصّحيح وقصدوا ما توفّرت فيه شروط العمل إمّا من الرّتبة العالية في الأسانيد وهو الصّحيح كما هو معرف وإمّا من الّذي دونه من الحسن وغيره ليكون ذلك إماما للسّنّة والعمل. وهذه هي المسانيد المشهورة في الملّة وهي أمّهات كتب الحديث في السّنّة فإنّها وإن تعدّدت ترجع إلى هذه في الأغلب. ومعرفة هذه الشّروط والاصطلاحات كلّها هي علم الحديث وربّما يفرد عنها النّاسخ والمنسوخ فيجعل فنّا برأسه وكذا الغريب. وللنّاس فيه تآليف مشهورة ثمّ المؤتلف والمختلف. وقد ألّف النّاس في علوم الحديث وأكثروا. ومن فحول علمائه وأئمّتهم أبو عبد الله الحاكم وتآليفه فيه مشهورة وهو الّذي هذّبه وأظهر محاسنه. وأشهر كتاب للمتأخّرين فيه كتاب أبي عمرو بن الصّلاح كان لعهد أوائل المائة السّابعة وتلاه


[١] قوله تسعة الّذي في النووي على مسلم انها سبعة بتقديم السين فحرره نصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>