للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الكتاب ونقل ابن يونس معظمه في كتابه على المدوّنة وزخرت بحار المذهب المالكيّ في الأفقين إلى انقراض دولة قرطبة والقيروان. ثمّ تمسّك بهما أهل المغرب بعد ذلك (إلى أن جاء كتاب أبي عمرو بن الحاجب لخّص فيه طرق أهل المذهب في كلّ باب وتعديد أقوالهم في كلّ مسألة فجاء كالبرنامج للمذهب. وكانت الطّريقة المالكيّة بقيت في مصر من لدن الحارث بن مسكين وابن المبشّر وابن اللهيث وابن الرّشيق وابن شاس. وكانت بالإسكندريّة في بني عوف وبني سند وابن عطاء الله. ولم أدر عمّن أخذها أبو عمرو بن الحاجب لكنّه جاء بعد انقراض دولة العبيديّين وذهاب فقه أهل البيت وظهور فقهاء السّنّة من الشّافعيّة والمالكيّة ولمّا جاء كتابه إلى المغرب آخر المائة السّابعة) [١] عكف عليه الكثير من طلبة المغرب وخصوصا أهل بجاية لما كان


[١] الموجود بين القوسين ورد في النسخة الباريسية كما يلي:
وتميزت للمذهب المالكي ثلاث طرق: للقرويين وكبيرهم سحنون الآخذ عن أبي القاسم، وللقرطبيين وكبيرهم ابن حبيب. الآخذ عن مالك ومطرف وابن الماجشون وأصبغ. وللعراقيين وكبيرهم القاضي إسماعيل وأصحابه. وكانت طريقة المصريين تابعة العراقيين وان القاضي عبد الوهاب انتقل إليها من بغداد آخر المائة الرابعة وأخذ أهلها عنه، وكانت للطريقة المالكية بمصر من لدن الحارث بن مسكين وابن ميسر وابن اللهيب وابن رشيق وكانت خافية بسبب ظهور الرافضة وفقه أهل البيت. وأما طريقة العراقيين. فكانت مهجورة عند أهل القيروان والأندلس لبعدها وخفاء مدركها وقلة اطلاعهم على مآخذهم فيها. والقوم أهل اجتهاد. وان كان خاصا. لا يرون التقليد ولا يرضونه طريقا. وكذلك نجد أهل المغرب والأندلس لا يأخذون برأي العراقيين فيما لا يجدون فيه رواية عن الإمام أو أحد من أصحابه. ثم امتزجت الطرق بعد ذلك ورحل أبو بكر الطرطوشي من الأندلس في المائة السادسة. ونزل البيت المقدس وأوطنه. وأخذ عنه أهل مصر والإسكندرية ومزجوا طريقة الأندلسية بطريقتهم المصرية. وكان من جملة أصحابه الفقيه سند صاحب الطراز وأصحابه. وأخذ عنهم جماعة.
كان منهم بنو عوف وأصحابه. وأخذ عنهم أبو عمر بن الحاجب وبعده شهاب الدين القرافي. واتصل ذلك في تلك الأمصار. وكان فقه الشافعية أيضا قد انقرض بمصر منذ دولة العبيديين من أهل البيت. فظهر بعدهم في الفقهاء الذين جددوه: الرافعي فقيه خراسان منهم. وظهر بالشام محيي الدين النووي من تلك الحلبة ثم امتزجت طريقة المغاربة من المالكية أيضا بطريقة العراقيين، من لدن الشرمساحي. كان بالإسكندرية ظاهرا في الطريقة المغربية والمصرية. فبنى المستنصر العباسي أبو المعتصم وابن الظاهر مدرسته ببغداد واستدعاه لها من خلفاء العبيديين الذين كانوا يومئذ بالقاهرة فأذنوا له في الرحيل إليه. فلما قدم بغداد ولاه تدريس المستنصرية، وأقام هنالك إلى أن استولى هولاكو على بغداد سنة ست وخمسين من المائة السابعة. وخلص من تيار تلك النكبة وخلا سبيله.
فعاش لك إلى أن مات في أيام ابنه أحمد ابغا. وتلخصت طرق هؤلاء المصريين ممتزجة بطرق المغاربة كما

<<  <  ج: ص:  >  >>