للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحارث بن مسكين وطبقتهم ورحل من الأندلس يحيى بن يحيى اللّيثي، ولقي مالكا. وروى عنه كتاب الموطأ، وكان من جملة أصحابه. ورحل بعده عبد الملك بن حبيب فأخذ عن ابن القاسم وطبقته وبثّ مذهب مالك في الأندلس ودوّن فيه كتاب الواضحة. ثمّ دوّن العتبيّ من تلامذته كتاب العتبيّة.

ورحل من إفريقية أسد بن الفرات فكتب عن أصحاب أبي حنيفة أوّلا، ثمّ انتقل إلى مذهب مالك. وكتب على ابن القاسم [١] في سائر أبواب الفقه وجاء إلى القيروان بكتابه وسمّي الأسدية نسبة إلى أسد بن الفرات، فقرأ بها سحنون على أسد ثمّ ارتحل إلى المشرق ولقي ابن القاسم وأخذ عنه وعارضه بمسائل الأسديّة فرجع عن كثير منها. وكتب سحنون مسائلها ودوّنها وأثبت ما رجع عنه منها وكتب لأسد [٢] وأن يأخذ بكتاب سحنون فأنف من ذلك فترك النّاس كتابه واتّبعوا مدوّنة سحنون على ما كان فيها من اختلاط المسائل في الأبواب فكانت تسمّى المدوّنة والمختلطة. وعكف أهل القيروان على هذه المدوّنة وأهل الأندلس على الواضحة والعتبيّة. ثمّ اختصر ابن أبي زيد المدوّنة والمختلطة في كتابه المسمّى بالمختصر ولخّصه أيضا أبو سعيد البرادعيّ من فقهاء القيروان في كتابه المسمّى بالتّهذيب وأعتمده المشيخة من أهل إفريقية وأخذوا به وتركوا ما سواه. وكذلك اعتمد أهل الأندلس كتاب العتبيّة وهجروا الواضحة وما سواها. ولم تزل علماء المذهب يتعاهدون هذه الأمّهات بالشّرح والإيضاح والجمع فكتب أهل إفريقية على المدوّنة ما شاء الله أن يكتبوا مثل ابن يونس واللّخميّ وابن محرز التّونسيّ وابن بشير وأمثالهم. وكتب أهل الأندلس على العتبيّة ما شاء الله أن يكتبوا مثل ابن رشد وأمثاله. وجمع ابن أبي زيد جميع ما في الأمّهات من المسائل والخلاف والأقوال في كتاب النّوادر فاشتمل على جميع أقوال المذاهب وفرّع الأمّهات كلّها في


[١] وفي النسخة الباريسية: وكتب عن ابن القاسم.
[٢] وفي نسخة أخرى: وكتب معه ابن القاسم إلى أسد أن يمحو من أسديته ما رجع عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>