للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أثرا في صحابة الملوك وخدمتهم ومعاشرتهم. وأمثال ذلك كثير. وكتاب الغاية لمسلمة بن أحمد المجريطيّ هو مدوّنة هذه الصّناعة وفيه استيفاؤها وكمال مسائلها وذكر لنا أنّ الإمام الفخر بن الخطيب وضع كتابا في ذلك وسمّاه بالسّرّ المكتوم وأنّه بالمشرق يتداوله أهله ونحن لم نقف عليه. والإمام لم يكن من أئمّة هذا الشّأن فيما نظنّ ولعلّ الأمر بخلاف ذلك. وبالمغرب صنف من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال السّحريّة يعرفون بالبعّاجين وهم الّذين ذكرت أوّلا أنّهم يشيرون إلى الكساء أو الجلد فيتخرّق ويشيرون إلى بطون الغنم بالبعج فتنبعج. ويسمّى أحدهم لهذا العهد باسم البعّاج لأنّ أكثر ما ينتحل من السّحر بعج الأنعام يرهب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها وهم مستترون بذلك في الغاية خوفا على أنفسهم من الحكّام، لقيت منهم جماعة وشاهدت من أفعالهم هذه بذلك وأخبروني أنّ لهم وجهة ورياضة خاصّة بدعوات كفريّة وإشراك لرّوحانيّات الجنّ والكواكب، سطّرت فيها صحيفة عندهم تسمّى الخزيريّة [١] يتدارسونها وأنّهم بهذه الرّياضة والوجهة يصلون إلى حصول هذه الأفعال لهم وأنّ التّأثير الّذي لهم إنّما هو فيما سوى الإنسان الحرّ [٢] من المتاع والحيوان والرّفيق ويعبّرون عن ذلك بقولهم إنّما نفعل فيما تمشي فيه الدّراهم أي ما يملك ويباع ويشترى من سائر المتملّكات هذا ما زعموه. وسألت بعضهم فأخبرني به وأمّا أفعالهم فظاهرة موجودة وقفنا على الكثير منها وعاينتها من غير ريبة في ذلك. هذا شأن السّحر والطّلسمات وأثارهما في العالم فأمّا الفلاسفة ففرقوا بين السّحر والطّلسمات بعد أن أثبتوا أنّهما جميعا أثر للنّفس الإنسانيّة واستدلّوا على وجود الأثر للنّفس الإنسانيّة بأنّ لها آثارا في بدنها على غير المجرى الطّبيعيّ وأسبابه الجسمانيّة بل آثار عارضة من كيفيّات الأرواح تارة كالسّخونة الحادثة عن الفرح والسّرور ومن


[١] وفي النسخة الباريسية: الخنزيرية.
[٢] وفي النسخة الباريسية: الإنسان والجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>