للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستقيم» بغير القاف الّتي لهذا الجيل فقد لحن وأفسد صلاته ولم أدر من أين جاء هذا؟ فإنّ لغة أهل الأمصار أيضا لم يستحدثوها وإنّما تناقلوها من لدن سلفهم وكان أكثرهم من مضر لمّا نزلوا الأمصار من لدن الفتح. وأهل الجيل أيضا لم يستحدثوها إلّا أنّهم أبعد من مخالطة الأعاجم من أهل الأمصار. فهذا يرجّح فيما يوجد من اللّغة لديهم أنّه من لغة سلفهم. هذا مع اتّفاق أهل الجيل كلّهم شرقا وغربا في النّطق بها وأنّها الخاصيّة الّتي يتميّز بها العربيّ من الهجين والحضريّ. والظّاهر أنّ هذه القاف الّتي ينطق بها أهل الجيل العربيّ البدويّ هو من مخرج القاف عند أوّلهم من أهل اللّغة، وأنّ مخرج القاف متّسع، فأوّله من أعلى الحنك وآخره ممّا يلي الكاف. فالنطق بها من أعلى الحنك هو لغة الأمصار، والنطق بها ممّا يلي الكاف هي لغة هذا الجيل البدويّ. وبهذا يندفع ما قاله أهل البيت من فساد الصلاة بتركها في أمّ القرآن، فإنّ فقهاء الأمصار كلّهم على خلاف ذلك. وبعيد أن يكونوا أهملوا ذلك، فوجهه ما قلناه. نعم نقول إنّ الأرجح والأولى ما ينطق به أهل الجيل البدويّ لأنّ تواترها فيهم كما قدّمناه، شاهد بأنّها لغة الجيل الأوّل من سلفهم، وأنّها لغة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ويرجّح ذلك أيضا إدغامهم لها في الكاف لتقارب المخرجين. ولو كانت كما ينطق بها أهل الأمصار من أصل الحنك، لما كانت قريبة المخرج من الكاف، ولم تدغم. ثمّ إنّ أهل العربيّة قد ذكروا هذه القاف القريبة من الكاف، وهي الّتي ينطق بها أهل الجيل البدويّ من العرب لهذا العهد، وجعلوها متوسّطة بين مخرجي القاف والكاف. على أنّها حرف مستقلّ، وهو بعيد. والظاهر أنّها من آخر مخرج القاف لاتّساعه كما قلناه. ثمّ إنّهم يصرّحون باستهجانه واستقباحه كأنّهم لم يصحّ عندهم أنّها لغة الجيل الأوّل. وفيما ذكرناه من اتّصال نطقهم بها، لأنّهم إنّما ورثوها من سلفهم جيلا بعد جيل، وأنّها شعارهم الخاصّ بهم، دليل على أنّها لغة ذلك الجيل الأوّل، ولغة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما تقدّم ذلك كلّه. وقد يزعم زاعم أنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>