قال وسمعت أبا بكر بن الصابونيّ ينشد الأستاذ أبا الحسن الدّباج موشّحاته غير ما مرّة، فما سمعته يقول له للَّه درّك، إلّا في قوله:
قسما بالهوى لذي حجر ... ما للّيل المشوّق من فجر
جمد الصّبح ليس يطرد ما للّيليّ فيما أظنّ غد اصح يا ليل إنّك الأبد
أو قفصت قوادم النسر ... فنجوم السماء لا تسري
ومن محاسن موشّحات ابن الصابوني قوله:
ما حال صبّ ذي ضنى واكتئاب ... أمرضه يا ويلتاه الطبيب
عامله محبوبه باجتناب ... ثمّ اقتدى فيه الكرى بالحبيب
جفا جفوني النوم لكنني ... لم أبكه الا لفقد الخيال
وذا الوصال اليوم قد غرّني ... منه كما شاء وشاء الوصال
فلست باللائم من صدّني ... بصورة الحقّ ولا بالمحال
واشتهر ببرّ أهل العدوة ابن خلف الجزائريّ صاحب الموشّحة المشهورة:
الإصباح قدحت زناد ... الأنوار في مجامز الزهر
وابن خرز البجائيّ وله من موشّحة:
ثغر الزمان موافق ... حباك منه بابتسام
ومن محاسن الموشّحات للمتأخّرين موشّحة ابن سهل شاعر إشبيليّة وسبتة من بعدها فمنها قوله:
هل دري ظبي الحمى أن قد حمى ... قلب صبّ حلّه عن مكنس
فهو في نار وخفق مثل ما ... لعبت ريح الصّبا بالقبس
وقد نسج على منواله فيها صاحبنا الوزير أبو عبد الله ابن الخطيب شاعر الأندلس والمغرب لعصره وقد مرّ ذكره فقال: