للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلّمي يا نفس في حكم القضا ... واعبري الوقت برجعى ومتاب

واتركي [١] ذكرى زمان قد مضى ... بين عتبى قد تقضّت وعتاب

واصرفي القول إلى المولى الرّضى ... ملهم التّوفيق في أمّ الكتاب

الكريم المنتهى والمنتمي ... أسد السّرج وبدر المجلس

ينزل النّصر عليه مثلما ... ينزل الوحي بروح القدس

وأمّا المشارقة فالتّكلّف ظاهر على ما عانوه من الموشّحات. ومن أحسن ما وقع لهم في ذلك موشّحة ابن سناء الملك الّتي اشتهرت شرقا وغربا وأوّلها:

حبيبي ارفع حجاب النور ... عن العذار

تنظر المسك على كافور ... في جلنار

كلّلي يا سحب تيجان الربى ... بالحلى واجعلي

سوارها منعطف الجدول

ولمّا شاع فنّ التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور، لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامّة من أهل الأمصار على منواله، ونظّموا في طريقته بلغتهم الحضريّة من غير أن يلتزموا فيها إعرابا. واستحدثوا فنّا سمّوه بالزجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم لهذا العهد، فجاءوا فيه بالغرائب واتّسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة.

وأوّل من أبدع في هذه الطّريقة. الزجليّة أبو بكر بن قزمان، وإن كانت قيلت قبله بالأندلس، لكن لم يظهر حلاها، ولا انسبكت معانيها واشتهرت رشاقتها إلّا في زمانه. وكان لعهد الملّثمين، وهو إمام الزجّالين على الإطلاق.

قال ابن سعيد: ورأيت أزجاله مرويّة ببغداد أكثر ممّا رأيتها بحواضر المغرب.

قال: وسمعت أبا الحسن بن جحدر الإشبيليّ، إمام الزجّالين في عصرنا يقول:


[١] وفي نسخة أخرى: ودعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>