وفي أيامه كانت بعثة صالح عليه السلام، وهو صالح بن عبيل بن أسف بن شالخ بن عبيل بن كاثر بن ثمود، وكانوا أهل كفر وبغي وعبادة أوثان، فدعاهم صالح إلى الدين والتوحيد. قال الطبريّ: فلمّا جاءهم بذلك كفروا وطلبوا الآيات، فخرج بهم إلى هضبة من الأرض، فتمخّضت عن الناقة ونهاهم أن يتعرضوا لها بعقر أو هلكة، وأخبرهم مع ذلك أنهم عاقروها ولا بدّ، ورأس عليهم قدار بن سالف، وكان صالح وصف لهم عاقر الناقة بصفة قدار هذا. ولما طال النذير عليهم من صالح سئموه وهمّوا بقتله، وكان يأوي إلى مسجد خارج ملئهم، فكمن له رهط منهم تحت صخرة في طريقه ليقتلوه فانطبقت عليهم وهلكوا. وحنقوا ومضوا الى الناقة ورماها قدار بسهم في ضرعها وقتلها، ولجأ فصيلها إلى الجبل فلم يدركوه، وأقبل صالح وقد تخوف عليهم العذاب، فلمّا رآه الفصيل أقبل إليه ورغا ثلاث رغاءات، فأنذرهم صالح ثلاثا، وفي صبح الرابعة صعقوا بصيحة من السماء تقطّعت بها قلوبهم فأصبحوا جاثمين، وهلك جميعهم حيث كانوا من الأرض، إلّا رجلا كان في الحرم منعه الله من العذاب. قيل من هو يا رسول الله؟ قال: أبو رغال. ويقال إنّ صالحا أقام عشرين سنة ينذرهم وتوفي ابن ثمان وخمسين سنة. وفي الصحيح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ في غزوة تبوك بقرى ثمود فنهى عن استعمال مياههم وقال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلّا وأنتم باكون أن يصيبكم ما أصابهم. أهـ كلام الطبري.
وقال الجرجاني: كان من ملوكهم دوبان بن يمنع ملك الإسكندرية، وموهب بن مرّة بن رحيب وكان عظيم الملك وأخوه هوبيل بن مرّة كذلك. وفيما ذكره المفسرون أنّهم أوّل من نحت الجبال والصخور، وأنّهم بنو ألفا وسبعمائة مدينة وفي هذا ما فيه. ثم ذهبوا بما كسبوا ودرجوا في الغابرين وهلكوا. ويقال إنّ من بقاياهم أهل الرسّ الذين كان نبيّهم حنظلة بن صفوان، وليس ذلك بصحيح. وأهل الرسّ هم حضور ويأتي ذكرهم في بني فالغ بن عابر، وكذلك يزعم بعض النسّابة أن ثقيفا من بقايا ثمود هؤلاء وهو مردود. وكان الحجّاج بن يوسف إذا سمع ذلك يقول كذبوا. وقال والله جلّ من قائل يقول وثمود فما ابقى أي أهلكهم فما أبقى أحدا منهم. وأهل التوراة لا يعرفون شيئا من أخبار عاد ولا ثمود لأنهم لم يقع لهم ذكر في التوراة، ولا لهود ولا لصالح عليهما السلام، بل ولا لأحد من العرب العاربة، لان