نقله المحقّقون خمس قرى سدوم. ووجدهم على ارتكاب الفواحش، فدعاهم الى الدين، ونهاهم عن المخالفة، فكذّبوه وعتوا، وأقام فيهم داعيا إلى الله إلى أن هلكوا كما قصّة القرآن. وخرج لوط مع عساكر كنعان وفلسطين للقاء ملوك الشرق حين زحفوا إلى أرض الشام، وكانوا أربعة ملوك ملك الأهواز من بني غليم بن سام واسمه كرزلّا عامر، وملك بابل واسمه في التوراة شنعا واسمه أمّراقيل ويقال هو نمروذ، وملك الأستار وما أدري معنى هذه اللفظة واسمه أريوح، وملك كوتم ومعناه ملك أمم أو جماعة واسمه تزعال. وكان ملوك كنعان الذين خرجوا إليهم خمسة على عدد القرى الخمسة، وذلك أن ملك الأهواز كان استعبدهم اثنتي عشرة سنة، ثم عصوا فزحف إليهم واستجاش بالملوك المذكورين معه، فأصابوا من أهل جبال يسعين إلى فاران التي في البرية وكان بها يومئذ الجويون من شعوب كنعان أيضا. وخرج ملك سدوم وأصحابه لمدافعتهم فانهزم هو والملوك الذين معه من أهل سدوم، وسباهم ملك الأهواز ومن معه من الملوك، وأسروا لوطا وسبوا أهله وغنموا ماشيته. وبلغ الخبر إبراهيم عليه السلام فاتّبعهم في ولده ومواليه نحوا من ثلاثمائة وثمانية عشر، ولحقهم بظاهر دمشق فدهمهم، فانفضوا وخلص لوطا في تلك الواقعة، وجاء بأهله ومواشيه وتلقاهم ملك سدوم واستعظم فعلتهم.
ثم أوحى الله إلى إبراهيم أنّ هذه الأرض أرض الكنعانيّين التي أنت بها، ملّكتها لك ولذرّيتك وأكثرهم مثل حصى الأرض، وأن ذريتك يسكنون في أرض ليست لهم أربعمائة سنة ويرجع الحقب الرابع الى هنا.
ثم إن سارة وهبت مملوكتها هاجر القبطية لإبراهيم عليه السلام لعشر سنين من مجيئهم من مصر، وقالت لعل الله يرزقك منها ولدا. وكان إبراهيم قد سأل الله أن يهب له ولدا فوعده به. وكانت سارة قد كبرت وعقمت عن الولد، فولدت هاجر لإبراهيم إسماعيل عليهما السلام لست وثمانين من عمره، وأوحى الله إليه أني قد باركت عليه وكثرته ويولد له اثنا عشر ولدا، ويكون رئيسا لشعب عظيم. وأدركت سارة الغيرة من هاجر وطلبت منه إخراجها، وأمره الله أن يطيع سارة في أمرها، فهاجر بها إلى مكة ووضعها وابنها بمكان زمزم عند دوحة هنالك وانطلق. فقالت له هاجر: آللَّه أمرك؟ قال: نعم. فقالت: إذا لا يضيعنا. وانطلق إبراهيم وعطش إسماعيل بعد ذلك عطشا شديدا، وأقامت هاجر تتردّد بين الصفا والمروة، إلى أن صعدت عليها