وكان على عهد يستاسب وحافده أردشير يمن ابن ابنه أسفنديار من ملوك الفرس وأنه شخص من اليمن غازيا ومرّ بالحيرة فتحيّر عسكره هنالك فسمّيت الحيرة. وخلف قوما من الأزد ولخم وجذام وعاملة وقضاعة فأقاموا هنالك وبنو الإطام، واجتمع إليهم ناس من طيرة وكلب والسكون وأياد والحرث بن كعب. ثم توجه إلى الأنبار ثم الموصل ثم أذربيجان، ولقي الترك فهزمهم وقتل وسبى، ثم رجع إلى اليمن، وهابته الملوك وهادنه ملوك الهند. ثم رجع لغزو الترك، وبعث ابنه حسّان إلى الصغد، وابنه يعفر إلى الروم، وابن أخيه شمر ذي الجناح إلى الفرس. وان شمر لقي كيقباذ ملك الفرس فهزمه، وملك سمرقند وقتله، وجاز إلى الصين فوجد أخاه حسّان قد سبقه إليها، فأثخنا في القتل والسبي، وانصرفا بما معهما من الغنائم إلى أبيهما. وبعث ابنه يعفر إلى القسطنطينيّة فتلقوه بالجزية، والإتاوة فسار إلى رومة، وحصرها ووقع الطاعون في عسكره، فاستضعفهم الروم ووثبوا عليهم فقتلوهم، ولم يفلت منهم أحد. ثم رجع إلى اليمن، ويقال أنه ترك ببلاد الصين قوما من حمير وأنهم بها لهذا العهد، وأنه ترك ضعفاء الناس بظاهر الكوفة فتحيروا لك وأقاموا معهم من كل قبائل العرب.
وقال ابن إسحاق إنّ الّذي سار إلى المشرق من التبابعة تبّع الآخر، وهو تبان أسعد أبو كرب بن ملكيكرب بن زيد الأقرن ابن عمرو ذي الأذعار، وتبان أسعد هو حسّان تبّع وهو فيما يقال أوّل من كسا الكعبة، وذكر ابن إسحاق الملأ والوصائل، وأوصى ولاته من جرهم بتطهيرها وجعل لها بابا ومفتاحا، وذكر ابن إسحاق أنه أخذ بدين اليهودية، وذكر في سبب تهوّده أنه لما غزا إلى المشرق مرّ بالمدينة يثرب فملكها، وخلف ابنه فيهم، فعدوا عليه وقتلوه غيلة ورئيسهم يومئذ عمرو بن الطلّة من بني النجّار. فلما أقبل من المشرق وجعل طريقه على المدينة مجمعا على خرابها فجمع هذا الحيّ من أبناء قيلة لقتاله فقاتلهم، وبينما هم على ذلك جاءه حبران من أحبار يهود من بني قريظة، وقالا له: لا تفعل فإنك لن تقدر وأنّها مهاجر نبيّ قرشي يخرج آخر الزمان فتكون قرارا له. وانه أعجب بهما واتبعهما على دينهما، ثم مضى لوجهه.
ولقيه دون مكة نفر من هذيل، وأغروه بمال الكعبة وما فيها من الجواهر والكنوز، فنهاه الحبران عن ذلك وقالا له إنما أراد هؤلاء هلاكك. فقتل النفر من الهذليّين وقدم مكة فأمره الحبران بالطواف بها والخضوع، ثم كساها كما تقدّم، وأمر ولاتها من