الكندي إلى أرض بني معدّ بن عدنان بالحجاز فملك عليهم. وملك بعده مرثد بن عبد كلال. ثم ابنه وليعة وكثرت الخوارج عليه، وغلب أبرهة بن الصبّاح على تهامة اليمن، وكان في ظفّار دار التبابعة حسّان بن عمرو بن أبي كرب، ثم وثب بعده على ظفّار ذو شناتر، وقتله ذو نواس كما مرّ، هذا ترتيب ابن سعيد في ملوكهم.
وعند المسعودي: أنّه لما هلك كليكرب بن تبّع المعروف بالأقرن، قال وهو الّذي سار قومه نحو خراسان والصغد والصين، وولي بعده حسان بن تبّع، فاستقام له الأمر خمسا وعشرين سنة، ثم قتله أخوه عمرو بن تبع، وملك أربعا وستين سنة، ثم تبع أبو كرب وهو الّذي غزا يثرب وكسا الكعبة بعد أن أراد هدمها، ومنعه الحبران من اليهود، وتهوّد وملك مائة سنة. ثم بعده عمرو بن تبّع أبي كرب، وخلع وملكوا مرثد بن عبد كلال، واتصلت الفتن باليمن أربعين سنة. ومن بعده وليعة بن مرثد تسعا وثلاثين سنة. ومن بعده أبرهة بن الصبّاح بن وليعة بن مرثد، ويدعى شيبة الحمد ثلاثا وتسعين سنة، وكانت له سير وقصص. ومن بعده عمرو ذو قيفان تسع عشرة سنة. ومن بعده لخيتعة ذو شناتر ومن بعده ذو نواس.
وأمّا ابن الكلبيّ والطبريّ وابن حزم فعندهم أن تبّع أسعد أبي كرب هو ابن كليكرب بن زيد الأقرن ابن عمرو بن ذي الأذعار بن أبرهة ذي المنار الرائش بن قيس بن صيفي بن سبا الأصغر. وقال السهيليّ انه أسقط أسماء كثيرة وملوكا. وقال ابن الكلبيّ وابن حزم: ومن ملوك التبابعة أفريقش بن صيفي، ومنهم شمر يرعش ابن ياسر ينعم بن عمرو ذي الأذعار، ومنهم بلقيس ابنه اليشرح بن ذي جدن بن اليشرح بن الحرث الرائش بن قيس بن صيفي. ثم قال ابن حزم بعد ذكر هؤلاء من التبابعة: وفي أنسابهم اختلاف وتخليط وتقديم وتأخير ونقصان وزيادة، ولا يصح من كتب أخبار التبابعة وأنسابهم إلّا طرف يسير لاختلاف رواتهم وبعد العهد أهـ.
وقال الطبريّ لم يكن لملوك اليمن نظام وإنما كان الرئيس منهم يكون ملكا على مخلافه لا يتجاوزه، وان تجاوز بعضهم عن مخلافه بمسافة يسيرة من غير أن يرث ذلك الملك عن آبائه ولا يرثه أبناؤه عنه إنما هو شأن شدّاد المتلصّصة يغيرون على النواحي باستغفال أهلها، فإذا قصدهم الطلب لم يكن لهم ثبات، وكذلك كان أمر ملوك اليمن يخرج أحدهم من مخلافه بعض الأحيان ويبعد في الغزو والإغارة فيصيب ما يمر به، ثم يتشمّر عند خوف الطلب زاحفا إلى مكانه من غير أن يدين له أحد من غير مخلافه