للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهزيمة، ثم نازل أريحاء ستة أشهر [١] ، وفي السابع نفخوا في القرون، وضج الشعب ضجة واحدة، فسقط سور المدينة فاستباحوها وأحرقوها. وكمل الفتح واقتسموا بلاد الكنعانيين كما أمرهم الله. هذا مساق الخبر عن سيرة موسى صلوات الله عليه وبني إسرائيل أيام حياته وبعد مماته حتى ملكوا أريحا.

وفي كتب الأخباريين أن العمالقة الذين كانوا بالشام قاتلهم يوشع فهزمهم وقتل آخر ملوكهم وهو السميدع بن هوبر بن مالك. وكان لقاؤهم إياه مع بني مدين في أرضهم وفي ذلك يقول عوف بن سعد الجرهميّ:

ألم تر أنّ العلقميّ بن هوبر ... بأيلة أمسى لحمه قد تمزّعا

ترامت عليه من يهود جحافل ... ثمانون ألفا حاسرين ودرعا

ذكره المسعودي وقد تقدّم لنا خلاف النسّابة في هؤلاء العمالقة وأنهم لعمليق بن لاوذ أو لعمالق بن أليفاز بن عيصو الثاني، لنسابة بني إسرائيل سار إليه علماء العرب. وأما الأمم الذين كانوا بالشام لذلك العهد، فأكثرهم لبني كنعان. وقد تقدّمت شعوبهم، وبنو أروم أبناء عمّون، وبنو مؤاب أبناء لوط، وثلاثتهم أهل يستعير [٢] وجبال الشراة وهي بلاد الكرك والشوبك والبلقاء، ثم بنو فلسطين من بني حام ويسمى ملكهم جالوت وهو من الكنعانيين منهم، ثم بنو مدين ثم العمالقة. ولم يؤذن لبني إسرائيل في غير بلاد الكنعانيين فهي التي اقتسموها وملكوها وصارت لهم تراثا، وأما غيرها فلم يكن لهم فيها إلّا الطاعة والمغارم الشرعية من صدقة وغيرها.

وفي كتب الأخباريين أنّ بني إسرائيل بعد ملكهم الشام، بعثوا بعوثهم إلى الحجاز، ولك يومئذ أمّة من العمالقة يسمّون جاسم، وكان اسم ملكهم الإرم بن الأرقم، وكان أوصاهم أن لا يستبقوا منهم من بلغ الحلم. فلما ظهروا على العمالقة وقتلوا


[١] يتفق ابن خلدون مع الطبري وابن الأثير حول المدة التي حاصر يوشع مدينة أريحا ففي الطبري ج ١ ص ٢٢٨ «فأحاط بمدينة أريحا ستة أشهر فلما كان السابع نفخوا في القرون وضج الشعب ضجة واحدة فسقط سور المدينة» وفي الكامل ج ١ ص ٢٠٢ وقيل بل حصرها ستة أشهر فلما كان السابع تقدموا الى المدينة وصاحوا صيحة واحدة فسقط السور» .
اما ابو الفداء فيذكر ان مدة حصار أريحا كانت ستة أيام ويوافق ذلك ما ذكر في التوراة، الاصحاح السادس من سفر يوشع: «ان الحصار كان ستة أيام وفي اليوم السابع سقط السور» .
[٢] وفي نسخة اخرى: يسعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>