إسرائيل بعد فناء الجيل الّذي أحصاهم موسى وهارون ببرية سينا، وانقضاء الأربعين سنة التي حرم الله عليهم فيها دخول تلك الأرض، وان يبعث بعثا من بني إسرائيل الى مدين الذين أعانوا بني مؤاب، فبعث اثني عشر ألفا من بني إسرائيل وعليهم فنحاص بن العيزر بن العزر بن هارون، فحاربوا بني مدين وقتلوا ملوكهم وسبوا نساءهم وملكوا أموالهم، وقسم ذلك في بني إسرائيل بعد أن أخذ منه للَّه، وكان فيمن قتل بلعام بن باعورا. ثم قسّم الأرض التي ملك من بني مدين والعموريين وبني عمّون وبني مؤاب، ثم ارتحل بنو إسرائيل ونزلوا شاطئ الأردن، وقال الله قد ملكتكم ما بين الأردن والفرات كما وعدت آباءكم. ونهوا عن قتال عيصو الساكنين ساعير وبني عمّون وعن أرضهم. وأكمل الله الشريعة والأحكام والوصايا لموسى عليه السلام، وقبضه إليه لمائة وعشرين سنة من عمره، بعد أن عهد إلى فتاه يوشع أن يدخل ببني إسرائيل إلى الأرض المقدّسة ليسكنوها، ويعملوا بالشريعة التي فرضت عليهم فيها، ودفن بالوادي في أرض مؤاب ولم يعرف قبره لهذا العهد.
وقال الطبريّ: مدّة عمر موسى صلوات الله عليه مائة وعشرون سنة، منها في أيام أفريدون عشرون، ومنها في أيام منوجهر مائة. قال: ثم سار يوشع من بعد موسى إلى أريحا، فهزم الجبارين ودخلها عليهم. وقال السدّي: إنّ يوشع تنبّأ بعد موسى، وسار إلى أريحا فهزم الجبّارين، ودخلها عليهم، وأن بلعام بن باعورا كان مع الجبارين يدعو على يوشع، فلم يستجب له، وصرف دعاؤه على الجبّارين. وكان بلعام من قرى البلقاء، وكان عنده الاسم الأعظم، فطلبه الكنعانيون في الدعاء على بني إسرائيل فامتنع، وألحّوا عليه فأجاب، ودعا فصرف دعاؤه، وكان قيامه للدّعاء على جبل حسّان مطلا على عسكر بني إسرائيل، هذا خبر السدّي في أنّ دعاء بلعام كان لعهد يوشع. والّذي في التوراة أنّه كان لعهد موسى، وأنّ بلعام قتل لعهد موسى كما مرّ في خبر الطبريّ.
وقال السدّي: إنّ يوشع بعد وفاة موسى صلوات الله عليه أمر أن يعبر، فسار ومعه التابوت تابوت الميثاق، حتى عبر الأردن، وقاتل الكنعانيين فهزمهم، وأنّ الشمس جنحت للغروب يوم قتالهم ودعا الله يوشع فوقفت الشمس [١] حتى تمت عليهم
[١] وفي الطبري ج ١ ص ٢٢٨: فقاتلهم يوشع يوم الجمعة قتالا شديدا حتى أمسوا وغربت الشمس ودخل السبت فدعا الله فقال للشمس: انك في طاعة الله وانا في طاعة الله اللَّهمّ اردد عليّ الشمس فردّت عليه الشمس.