يصهر بن قاهث، وهو ابن عم موسى بن عمران بن قاهث، فارتاب هو وجماعة منهم من بني إسرائيل بشأن موسى، واعتمدوا مناصبته فاصابتهم قارعة وخسفت بهم وبه الأرض وأصبحوا عبرة للمعتبرين. واعتزم بنو إسرائيل على الاستقالة مما فعلوه والزحف إلى العدوّ، ونهاهم موسى عن ذلك فلم ينتهوا وصعدوا جبل العمالقة فحاربهم أهل ذلك الجبل فهزموهم وقتلوهم في كل وجه. فأمسكوا وأقام موسى على الاستغفار لهم، فأرسل إلى ملك أدوم يطلب الجواز عليه إلى الأرض المقدّسة فمنعهم، وحال دون ذلك.
ثم قبض هارون صلوات الله عليه لمائة وثلاثة وعشرين سنة من عمره، ولأربعين سنة من يوم خروجهم من مصر، وحزن له بنو إسرائيل لأنه كان شديد الشفقة عليهم، وقام بأمره الّذي كان يقوم به ابنه العيزار [١] ، ثم زحف بنو إسرائيل الى بعض ملوك كنعان، فهزموهم وقتلوهم وغنموا ما أصابوا معهم، وبعثوا الى سيحون ملك العموريين من كنعان في الجواز في أرضه إلى الأرض المقدّسة فمنعهم وجمع قومه وغزا بني إسرائيل في البرية، فحاربوه وهزموه وملكوا بلاده الى حدّ بني عمّون، ونزلوا مدينته وكانت لبني مؤاب. وتغلب عليها سيحون. ثم قاتلوا عوجا وقومه من كنعان وهو المشهور بعوج بن عوق، وكان شديد البأس فهزموه وقاتلوه وبنيه وأثخنوا في أرضه، وورثوا أرضهم الى الأردن بناحية أريحا. وخشي ملك بني مؤاب من بني إسرائيل، واستجاش بمن يجاوره من بني مدين وجمعهم، ثم أرسل إلى بلعام بن باعورا وكان ينزل في التخم بين بلاد بني عمّون وبني مؤاب، وكان مجاب الدعوة معبّرا للأحلام. واستدعاه ليستعين بدعائه، وأتاه الوحي بالنهي عن الدعاء، وألحّ عليه ذلك الملك وأصعده إلى الأماكن الشاهقة، وأراه معسكر بني إسرائيل منها، فدعا لهم وأنطقه الله بظهورهم وانهم يملكون الى الموصل. ثم تخرج أمّة من أرض الروم فيغلبون عليهم، فغضب الملك وانصرف بلعام إلى بلاده.
وفشا في بني إسرائيل الزنا ببنات مؤاب ومدين فأصابهم الموتان، فهلك منهم أربعة وعشرون ألفا. ودخل فنحاص بن لعزرا على رجل من بني إسرائيل في خيمته ومعه امرأة من بني مدين قد أدخلها للزنا بمرأى من بني إسرائيل، فطعنها برمحه وانتظمها وارتفع الموتان عن بني إسرائيل. ثم أمر الله موسى وألعازر بن هارون بإحصاء بني