فملك الجزيرة وسار إلى بيت المقدس فضرب عليهم الجزية أولا، ودخل ألياقيم في طاعته ثلاث سنين، وسلط الله عليه أروم وعمون ومؤاب والكلدانيين، ثم انتقض عليه فسرح الجيوش اليه، فقبضوا عليه واحتملوه الى بابل، فهلك في طريقه لإحدى عشرة سنة من ملكه. وولى بخت نصّر مكانه ابنه يخنيو، بفتح الياء المثناة التحتانية بعدها خاء معجمة مضمومة ثم نون ساكنة وبعدها ياء تحتانية تجلب ضمتها واوا، فأقام ثلاثة أشهر، ثم زحف إليه وحاصره، وأخرج إليه أمّه وأشراف مملكته فأشخصهم الى بلده. وجمع أهله ورجال دولته وسائر بني إسرائيل نحوا من عشرة آلاف، واحتملهم أسارى إلى بابل، وغنم جميع ما كان في الهيكل والخزائن من الأموال وجميع الأواني التي صنعها سليمان للمسجد، ولم يترك بمدينة القدس إلا الفقراء والضعفاء وبقي يخنيو ملك بني إسرائيل محبوسا سبعا وثلاثين سنة.
وقال ابن العميد: إنّ بخت نصّر سار إلى القدس في الثالثة من مملكة ألياقيم، وسبى طائفة منها، وانتهب جميع ما في بيت الهيكل. وكان في سنة دانيال وخانيا وعزاريا وميصائل. وانّ في السنة الخامسة من ملكه قاتل بخت نصّر فرعون الأعرج ملك مصر، وفي الثانية من ملك الياقيم غزا بخت نصّر القدس ووضع عليهم الخراج وأبقى الياقيم في ملكه وهلك لثلاث سنين بعد ذلك وملك ابنه يخنيو. وكان لعهده من الأنبياء ارميا وأوريا بن شعيا وموري والد حزقيا. وفي أيامه تنبأ دانيال، ثم سار بخت نصّر ليخنيو فأشخصه الى بابل كما مرّ.
وقال الطبري ووافقه نقل هروشيوش: إنّ بخت نصّر ولّى مكان يخنيو بن الياقيم عمه متنيا، بميم مفتوحة وتاء مثناة فوقانية مفتوحة مشدّدة ونون ساكنة وياء مثناة تحتانية بفتحة تجلب ألفا، ويسمّى صدقيا هو، وكان عاصيا قبيح السيرة، ولتسع سنين من ولايته انتقض على بخت نصّر، فزحف إليه في العساكر وحاصر بيت المقدس وبنى عليها المدر للحصار، وأقام ثلاث سنين واشتدّ الحصار بهم، فخرجوا هاربين منها إلى الصحراء واتبعهم العساكر من الكلدانيين وأدركوهم في أريحا، فقبض على ملكهم صدقيا هو وأتى به أسيرا فسمل عينيه. وقال الطبري: وذبح ولده بمرأى منه، ثم اعتقله ببابل إلى أن مات. ولحق بعض من بني إسرائيل بالحجاز فأقاموا مع العرب، وكان لعهده من الأنبياء ارميا وحبقون وباروح. وبعث بخت نصّر قائده نبو زراذون، بنون مفتوحة وباء موحدة مضمومة تجلب واوا بعدها زاي وراء مفتوحة تجلب ألفا