للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذال مضمومة تجلب واوا بعدها نون، بعثه إلى مدينة القدس، وكانوا يدعونها مدينة يروشالم [١] ، فخرّبها وخرّب الهيكل وكسر عمد الصفر التي نصبها سليمان في المسجد طول كل عمود منها ثمانية عشر ذراعا وطول رءوسها ثلاثة أذرع، وكسر صرح الزجاج وسائر ما كان بها من آثار الدين والملك، واحتمل بقية الأواني وما كان وجده من المتاع، وسبى الكوهن سارية والحبر منشا وخدمة الهيكل إلى بابل. قال هروشيوش: وأبقى صدقيا هو محبوسا ببابل إلى أن أطلقه بزداق قائد بهمن ملك الفرس حين غلبوا على بابل فأطلقه ووصله وأقطعه.

وقال مؤرخ حماة [٢] ووافقه المسعودي: انّ بخت نصّر بعد تخريب القدس هرب منه بعض ملوك بني إسرائيل إلى مصر وبها فرعون الأعرج، وطلبه بخت نصّر فأجاره فرعون وسار إليه بخت نصّر فقتله وملك مصر. وافتتح من المغرب مدائن وبث فيها دعاته، وكان إرمياء نبي بني إسرائيل من سبط لاوى، ويقال اسمه إرمياء بن خلقيا، وكان على عهده صدقيا هو ووجده بخت نصّر في محبسهم فأطلقه واحتمله معه في السبي الى بابل، وقيل انه مات في محبسه ولم يدركه بخت نصّر. وكذلك احتمل معهم دانيال بن حزقيل من أنبيائهم.

وقال ابن العميد: وولي جدليا بن أحان على من بقي من ضعفاء اليهود بالقدس، ولسبعة أشهر من ولايته قام إسماعيل بن متنيا بن إسماعيل من بيت الملك فقتل جدليا واليهود والكلدانيين الذين معهم، ثم هرب إلى مصر وهرب معه ارميا، وهرب حبقون إلى الحجاز فمات وكان قيما ولحقهم بمصر. وتنبأ ارمياء في مصر وبابل وأورشليم وصور وصيدا وعمون ثمانية وثلاثين سنة، ورجمه أهل الحجاز فمات. وكان فيما أخبرهم به مسير بخت نصّر الى مصر وتخريبه هياكلها وقتله أهلها. ولما دخل بخت نصّر مصر نقل جسده الى الإسكندرية ودفنه بها، وقيل دفن بالقدس لوصيته. وأمّا حزقيا هو فقتله اليهود في السبي.

قال الطبري: وافترقت جالية بني إسرائيل في نواحي العراق الى ان ردّهم ملوك الفرس الى القدس فعمروه وبنوا مسجده. وكان لهم فيه ملك في دولتين متصلتين الى أن وقع بهم الخراب الثاني والجلوة الكبرى على يد طيطش من ملوك القياصرة كما نذكر بعد.


[١] أو أورشليم.
[٢] يعني أبي الفداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>