للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنذكر هنا ما وقع من الخلاف في نسب بخت نصّر هذا، والى من يرجع من الأمم:

فقد ذهب قوم الى أنه من عقب سنجاريف ملك الموصل الّذي كان يقاتل بني إسرائيل والسامرة بالقدس. قال هشام بن محمد الكلبي فيما نقل الطبري: هو بخت نصّر بن نبوزراذون بن سنجاريف، ثم نسب سنجاريف إلى نمروذ بن كوش بن حام الّذي وقع ذكره في التوراة في ولدكوش وعدّ بين سنجاريف والنمروذ ستة عشر أبا أو نحوها أوّلهم داريوش بن فالغ وعصا [١] بن نمروذ، أسماء غير مضبوطة يغلب على الظنّ تصحيفها لعدم دراية الأصول وقلّة الوثوق بضبطها. وقيل إنّ بخت نصّر من نسل أشوذ [٢] بن سام، ولم يقع إلينا رفع هذا النسب ولعله أصح من الأوّل لأنه قد تقدّم نسب سنجاريف في الجرامقة ثم في الموصل منهم وهم من ولد أشوذ باتفاق من أهل فارس، نقله أيضا الطبري عن ابن الكلبي، وان اسمه بختمرسه فسمي بخت نصّر، وكان يملك ما بين الأهواز والروم من غربي دجلة أيام هراسب ويستاسب وبهمن من ملوك الفرس، وانه افتتح ما يليه من بلاد بابل والشام ثم سار الى القدس فافتتحها كما تقدّم، وقيل ان بهمن بعث رسله إلى القدس في طلب الطاعة منهم فقتلوه، فبعث بهمن أصبهبذا للناحية القريبة من مملكته، وبعث معه داريوش [٣] من ملوك مارى بن نابت، وكيرش بن كيكوس من ملوك بنى غليم بن سام، وأحشوارش بن كيرش بن جاماهن من قرابته. وسار معهم بخت نصّر بن نبوزراذون بن سنجاريف صاحب الموصل الّذي لقومه البراءات في أهل المقدس فكان ما وقع من الفتح. وقيل كان بخت نصّر صاحب الموصل في مقدّمتهم وكان الفتح على يده.

وأما بنو إسرائيل فيزعمون أنّ بخت نصّر من الكلدانيين، وهم ولد ناحور بن آزر أبي إبراهيم عليه السلام، وكان لهم الملك ببابل وكان بخت نصّر هذا من أعقابهم، وكان مدّة دولته خمسا وأربعين سنة، وكان فتحه المقدس لثمانية عشر من دولته. وملك بعده أويل مروماخ ثلاثا وعشرين سنة، ثم بعده ابنه فيلسنصر بن أويل ثلاث سنين، ثم غلب عليهم كورش وأزال ملكهم وهو الّذي ردّ بني إسرائيل إلى بيت المقدس فعمروه وجدّدوا به ملكا كما نذكره.


[١] وفي التوراة: عوص.
[٢] وفي التوراة: اشور.
[٣] وفي نسخة اخرى: داريوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>