للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهورهم [١] ومعنى هذه اللفظة عندهم الخامس، وكان الثلاثمائة والعشرون المدبّرون أمر الروم والشيخ الّذي عليهم قد أحكموا أمرهم مع جماعة الروم على أن لا يقدّموا عليهم ملكا، وأنهم يعينون للحروب في الجهات قائدا بعد آخر. هذا ما اتفقوا عليه النقلة في الحكاية عن أمر الروم وابتداء ملك القياصرة. قالوا ولما رأى قيصر هذا الشيخ الّذي كان لذلك العهد كبر وشب على غاية من الشجاعة والاقدام، فكانوا يبعثونه قائدا على العساكر إلى النواحي، فأخرجوه مرّة إلى المغرب فدوّخ البلاد، ورجع فسمت نفسه إلى الملك فامتنعوا له وأخبروه أنّ هذا سنّة آبائهم منذ أحقاب، وحدّثوه بالسبب الّذي فعلوا ذلك لأجله، وهو أمر كيوس وأنه عهد لأوّلهم لا ينقض، وقد دوّخ فمقيوس الشرق، وطوّع اليهود ولم يطمع في هذا فوثب عليهم قيصر وقتلهم واستولى على ملك الروم منفردا به وسمّى قيصر، وسار الى فمقيوس بمصر فظفر به وقتله، ورجع فوجد بتلك الجهات قواد فمقيوس فسار إليهم يولياس قيصر ومرّ ببلاد الأرمن فأطاعوه، وكان عليهم ملك اسمه مترداث فبعثه قيصر إلى حربهم.

فسار في الأرمن ولقيه هرقانوس ملك اليهود بعسقلان ونفر معه إلى مصر هو وأنظفتر ليمحوا بعض ما عرف منهم من موالاة فمقيوس، وساروا جميعا إلى مضر ولقيتهم عساكرها واشتدّ الحرب فحصر بلادهم، وكادت الأرمن أن ينهزموا، فثبت أنظفتر وعساكر اليهود وكان لهم الظفر واستولوا على مصر، وبلغ الخبر الى قيصر فشكر لأنظفتر حسن بلائه واستدعاه فسار إليه مع ملك الأرمن مترداث فقبله وأحسن وعده. وكان أنطقنوس بن أرستبلوس قد اتصل بقيصر وشكى بأنّ هرقانوس قتل أباه حين بعثه أهل رومة لحرب فمقيوس، وفتحيّل عليه هرقانوس وأنظفتر وقتلاه مسموما، فأحسن أنظفتر العذر لقيصر بأنه إنما فعل ذلك في خدمة من ملك علينا من الروم، وإنما كنت ناصحا لقائدهم فمقيوس بالأمس، وأنا اليوم أيها الملك لك أنصح وأحب، فحسن موقع كلامه من قيصر ورفع منزلته وقدّمه على عساكره لحرب الفرس، فسار اليه أنظفتر وأبلى في تلك الحروب ومناصحة قيصر، فلما انقلبوا من بلاد الفرس أعادهم قيصر الى ملك بيت المقدس على ما كانوا عليه.

واستقام الملك لهرقانوس وكان خيرا، إلّا أنه كان ضعيفا عن لقاء الحروب فتغلّب


[١] يوليه: هو شهر تموز وهو الشهر السابع كما في تقويمنا الحالي، ولكن السنة عندهم كانت تبدأ بشهر آذار أو «مارت» فيكون شهر يوليه هو الخامس كما ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>