عليه أنظفتر، واستبد على الدولة، وقدّم ابنه فسيّلو ناظرا في بيت المقدس، وابنه هيردوس عاملا على جبل الخليل، وكان كما بلغ الحلم واحتازوا الملك من أطرافه وامتلأ أهل الدولة منهم حسدا وكثرت السعاية فيهم، وكان في أطراف عملهم ثائر من اليهود يسمّى حزقيّا وكان شجاعا صعلوكا واجتمع إليه أمثاله فكانوا يغيرون على الأرمن وينالون منهم. وعظمت نكايتهم فيهم فشكى عامل بلاد الأرمن وهو سفيوس ابن عمّ قيصر الى هيردوس وهو بجبل الخليل ما فعله حزقيّا وأصحابه في بلادهم، فبعث هيردوس إليه سريّة فكبسوهم، وقتل حزقيّا وغيره منهم، وكتب بذلك إلى سفيوس فشكره وأهدى إليه اليهود.
ونكر اليهود ذلك من فعل هيردوس وتظلموا منه عند هرقانوس وطلبوه في القصاص منه، فأحضروه في مجلس الأحكام وأحضر السبعين شيخا من اليهود، وجاء هيردوس متسلحا ودافع عن نفسه، وعلم هرقانوس بغرض الأشياخ، ففصلوا المجلس فنكروا ذلك على هرقانوس، ولحق هيردوس ببلاد الأرمن فقدّمه سفيوس على عمله.
ثم أرسل هرقانوس إلى قيصر يسأل تجديد عهود الروم لهم، فكتب له بذلك، وأمر بأن يحمل أهل الساحل خراجهم إلى بيت المقدس ما بين صيدا وغزّة، ويحمل أهل صيدا إليها في كل سنة عشرين ألف وسق من القمح، وأن يرد على اليهود سائر ما كان بأيديهم إلى الفرات واللاذقية وأعمالها وما كان بنو حشمناي فتحوه عنوة من عدوات الفرات، لأن فمقيوس كان يتعدّى عليهم في ذلك، وكتب العهد بذلك في ألواح من نحاس بلسان الروم ويونان، وعلقت في أسوار صور وصيدا واستقام أمر هرقانوس.
قال ابن كريّون: ثم قتل قيصر ملك الروم. وأنظفتر وزير هرقانوس المستبد عليه. أما قيصر فوثب عليه كيساوس من قواد فمقيوس فقتله، وملك وجمع العساكر وعبر البحر إلى بلاد أشيّت ففتحها، ثم سار إلى القدس وطالبهم بسبعين بدرة من الذهب، فجمع له أنظفتر وبنوه من اليهود، ثم رجع كيساوس إلى مقدونية فأقام بها. وأما أنظفتر فإن اليهود داخلوا القائد ملكيّا الّذي كان بين أظهرهم من قبل كيساوس في قتل أنظفتر وزير هرقانوس، فأجابهم الى ذلك، فدسّوا إلى ساقيه سمّا فقتله، وجاء ابنه هيردوس إلى القدس مجمعا قتل هرقانوس، فكفّه فسيّلوا عن ذلك، وجاء كيساوس من مقدونية إلى صور، ولقي هرقانوس وهيردوس وشكوا إليه ما فعله قائده ملكيا من