للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوام الكهنونية، وجعله كبير الكهنونية، فشق ذلك على الاسكندرة بنت هرقانوس وبنتها مريم زوج هيردوس. وكان بين الإسكندرة وكلوبطرة ملكة مصر مواصلة ومهاداة، وطلبت منها أن تشفع زوجها انطيانوس في ذلك إلى هيردوس، فاعتذر له هيردوس بأنّ الكواهن لا تعزل، ولو أردنا ذلك فلا يمكّننا أهل الدين من عزله، فبعث بذلك إلى الإسكندرة. ودست الإسكندرة إلى الرسول الّذي جاء من عند أنطيانوس، وأتحفته بمال فضمن لهم أنّ انطيانوس يعزم على هيردوس في بعث أرستبلوس إليه، ورجع إلى أنطيانوس فرغبه في ذلك ووصف له من جماله وأغراه باستقدامه، فبعث فيه أنطيانوس إلى هيردوس وهدّده بالوحشة إن منعه، فعلم أنه يريد منه القبيح، فقدّمه كهنونا وعزل الأول، واعتذر لأنطيانوس بأنّ الكوهن لا يمكن سفره، واليهود تنكر ذلك. فأغفل أنطيانوس الأمر ولم يعاود فيه.

ووكل هيردوس بالإسكندرة بنت هرقانوس عهدته من يراعي أفعالها، فاطلع على كتبها إلى كلوبطرة أن تبعث إليها السفن والرجال يوصلنها إليها، وأنّ السفن وصلت إلى ساحل يافا، وأن الإسكندرة صنعت تابوتين لتخرج فيهما هي وابنتها على هيئة الموتى. فأرصد هيردوس من جاء بهما من المقابر في تابوتيهما فوبخهما ثم عفا عنهما. ثم بلغه أنّ أرستبلوس حضر في عيد المظال، فصعد على المذبح وقد لبس ثياب القدس وازدحم الناس عليه وظهر من ميلهم إليه ومحبتهم ما لا يعبر عنه، فغص بذلك واعمل التدبير في قتله. فخرج في منتزه له بأريحاء في نيسان، واستدعى أصحابه وأحضر أرستبلوس، فطعموا ولعبوا وانغمسوا في البرك يسبحون وعمد غلمان هيردوس إلى أرستبلوس فغمسوه في الماء حتى شرق وفاض، فاغتم الناس لموته وبكى عليه هيردوس ودفنه، وكان موته لسبع عشرة سنة من عمره. وتأكدت البغضاء بين الإسكندرة وابنتها مريم زوج هيردوس أخت هذا الغريق، وبين أمّ هيردوس وأخته، وكثرت شكواهما إليه فلم يشكهما لمكان زوجته مريم وأمّها منه.

قال ابن كريّون: ثم انتقض أنطيانوس على أوغسطس قيصر وذلك انه تزوّج كلوبطرة وملك مصر، وكانت ساحرة فسحرته واستمالته، وحملته على قتل ملوك كانوا في طاعة الروم، وأخذ بلادهم وأموالهم، وسبي نسائهم وأموالهم وأولادهم.

وكان من جملته هيردوس وتوقف فيه خشية من أوغسطس قيصر، لأنه كان يكرمه بسبب ما صنع في الآخرين، فحمله على الانتقاض والعصيان، ففعل وجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>