للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتل منهم خلقا، فاستدعوا شمعون لينصرهم من يوحنان فدخل ونقض العهد وفعل أشرّ من يوحنّان.

قال ابن كريّون: ثم ورد الخبر إلى أسبنانوس وهو بمكانه من قيساريّة بموت قيروش قيصر وأنّ الروم ملكوا عليهم مضعفا اسمه نطاوس فغضب البطارقة الذين مع أسبنانوس وملكوه، وسار الى رومة وخلف نصف العسكر مع ابنه طيطش، وقدّم بين يديه قائدين إلى رومة لمحاربة نطاوس الّذي ملكه الروم فهزم وقتل، وسار أسبنانوس إلى اسكندرية وركب البحر منها، ورجع طيطش الى قيساريّة إلى أن ينسلخ فصل الشتاء ويزيح العلل.

وعظمت الفتن والحروب بين اليهود داخل القدس وكثر القتل حتى سالت الدماء في الطرقات، وقتل الكهنونية على المذبح وهم لا يقربون الصلاة في المسجد لكثرة الدماء، وتعذر المشي في الطرقات من سقوط حجارة الرمي ومواقد النيران بالليل، وكان يوحنّان أخبث القوم وأشرّهم.

ولما انسلخ الشتاء زحف طيطش في عساكر الروم إلى أنّ نزل على القدس وركب إلى باب البلد يتخيّر المكان لمعسكره ويدعوهم إلى السلم، فصموا عنه وأكمنوا له بعض الخوارج في الطريق فقاتلوه، وخلص منهم بشدّته، فعبى عسكره من الغد ونزل بجبل الزيتون شرقي المدينة ورتّب العساكر والآلات للحصار. واتفق اليهود داخل المدينة ورفعوا الحرب بينهم، وبرزوا إلى الروم فانهزموا، ثم عاودوا فظهروا، ثم انتقضوا بينهم وتحاربوا ودخل يوحنّان الى القدس يوم الفطر فقتل جماعة من الكهنونة وقتل جماعة أخرى خارج المسجد. وزحف طيطش وبرزوا إليه فردّوه إلى قرب معسكره، وبعث إليهم قائده نيقانور في الصلح فأصابه سهم فقتله، فغضب طيطش وصنع كبشا وأبراجا من الحديد توازي السور وشحنها بالمقاتلة، فأحرق اليهود تلك الآلات ودفنوها وعادوا إلى الحرب بينهم.

وكان يوحنّان قد ملك القدس ومعه ستة آلاف أو يزيدون من المقاتلة، ومع شمعون عشرة الاف من اليهود وخمسة آلاف من أروم، وبقية اليهود بالمدينة مع العازر وأعاط طيطش الزحف بالآلات وثلم السور الأوّل وملكه إلى الثاني، فاصطلح اليهود بينهم وتذامروا [١] واشتدّ الحرب، وباشرها طيطش بنفسه ثم زحف بالآلات إلى


[١] تذامروا: بمعنى تلاوموا ربما عنى المؤرخ تذمّروا بمعنى تحاضّوا على القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>