عليهم، فأخذوا شمعون من الحواريين فتبرّأ منهم وتركوه، وجاء يهوذا الأسخريوطي وبايعهم على الدلالة عليه بثلاثين درهما، وأراهم مكانه الّذي كان يبيت فيه، وأصبحوا به إلى فلاطش النبطي [١] قائد قيصر على اليهود. وحضر جماعة الكهنونية وقالوا هذا يفسد ديننا ويحل نواميسنا ويدّعي الملك فأقتله. وتوقف فصاحوا به وتوعدوه بإبلاغ الأمر إلى قيصر فأمر بقتله.
وكان عيسى قد أبلغ الحواريين بأنه يشبه على اليهود في شأنه فقتل ذلك الشبه وصلب، وأقام سبعا. وجاءت أمّه تبكي عند الخشبة فجاءها عيسى وقال: مالك تبكي؟ قالت: عليك. قال: إنّ الله رفعني ولم يصبني إلّا خير وهذا شيء شبه لهم، وقولي للحواريين يلقوني بمكان كذا. فانطلقوا إليه وأمرهم بتبليغ رسالته في النواحي، كما عين لهم من قبل. وعند علماء النصارى أن الّذي بعث من الحواريين إلى رومة بطرس ومعه بولس من الأتباع ولم يكن حواريا، وإلى أرض السودان والحبشة ويعبرون عن هذه الناحية بالأرض التي تأكل أهلها والناس متّى العشار، وأندراوس إلى أرض بابل، والمشرق توماس، وإلى أرض إفريقية فيلبس، وإلى أفسوس قرية أصحاب الكهف يوحناس، وإلى أورشليم وهي بيت المقدس يوحنا، وإلى أرض العرب والحجاز برتلوماوس، وإلى أرض برقة والبربر شمعون القناني.
قال ابن إسحاق: ثم وثب اليهود على بقية الحواريين يعذبونهم ويفتنونهم، وسمع قيصر بذلك وكتب إليه فلاطش النبطي قائده بأخباره ومعجزاته وبغي اليهود عليه وعلى يوحنان قبله، فأمرهم بالكف عن ذلك. ويقال قتل بعضهم. وانطلق الحواريّون إلى الجهات التي بعثهم إليها عيسى فآمن به بعض وكذب بعض. ودخل يعقوب أخو يوحنان إلى رومة فقتله غاليوس قيصر وحبس شمعون، ثم خلص وسار إلى أنطاكية ثم رجع إلى رومة أيام قلوديش قيصر بعد غاليوس، واتبعه كثير من الناس وآمن به بعض نساء القياصرة وأخبرها بخبر الصليب، فدخلت إلى القدس وأخرجته من تحت الزبل والقمامات بمكان الصلب وغشته بالحرير والذهب وجاءت به إلى رومة.
وأما بطرس كبير الحواريين وبولص اللذان بعثهما عيسى صلوات الله عليه إلى رومة فإنهما مكثا هنالك يقيمان دين النصرانية، ثم كتب بطرس الإنجيل بالرومية ونسبه إلى مرقص تلميذه، وكتب متّى انجيله بالعبرانية في بيت المقدس ونقله من بعد ذلك