وقال المسعودي: وهو الساطرون بن إستطرون من ملوك السريانيين. قال الطبريّ:
وتسمّيه العرب الضيزن. وقال هشام بن محمد الكلبي: من قضاعة وهو الضيزن بن معاوية بن العميد بن الأجدم بن عمرو بن النخع بن سليم، وسنذكر نسب سليم في قضاعة. وكان بأرض الجزيرة وكان معه من قبائل قضاعة ما لا يحصى وكان ملكه قد بلغ الشام، فخلف سابور في غزاته إلى خراسان وعاث في أرض السواد، فشخص إليه سابور عند انقضاء غزاته حتى أناخ على حصنه وحاصره أربع سنين قال الأعشى:
ألم تر للحضر إذ أهله ... بنعمة وهل خالد من نعم
أقام به سابور الجنود ... حولين يضرب فيه القمم
ثم إنّ ابنة ساطرون واسمها النضيرة خرجت إلى ربض [١] المدينة وكانت من أجمل النساء، وسابور كان جميلا، فأشرفت عليه فشغفت به شغف بها، وداخلته في أمر الحصن ودلّته على عورته فدخله عنوة وقتل الضيزن وأباد قضاعة الذين كانوا معه وأكثرهم بنو حلوان فانقرضوا، وخرّب حصن الحضر. وقال عديّ بن زيد في رثائه:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة ... تجبى إليه والخابور
شاده مرمرا وجلّله كلسا ... فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريح المنون فباد ... الملك عنه فبابه مهجور
ثم أعرس بالنضيرة بعين النمر وباتت ليلها تتضور في فراشها وكان من الحرير محشوّ بالقز والقسيّ فإذا ورقة آس بينها وبين الفراش تؤذيها، فقال: ويحك ما كان أبوك يغذيك؟ قالت الزبد والمخّ والشهد وصفو الخمر، فقال: وأبيك لأنا أحدث عهدا وأبعد ودّا من أبيك الّذي غذاك بمثل هذا. وأمر رجلا ركب فرسا جموحا وعصب غدائرها بذنبه ولم يزل يركضه حتى تقطعت أوصالها.
وعند ابن إسحاق أنّ الّذي فتح حصن الحضر وخرّبه وقتل الساطرون هو سابور ذو الأكتاف. وقال السهيليّ: لا يصح لأنّ الساطرون من ملوك الطوائف والّذي أزال ملكهم هو أردشير وابنه سابور، وسابور ذو الأكتاف بعدهم بكثير هو التاسع من ملوك أردشير. قال السهيليّ وأوّل من ملك الحيرة من ملوك الساسانية سابور بن
[١] الربض: ما حول المدينة من بيوت ومساكن، سور المدينة أو الضاحية (قاموس) .