للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متشابهة وتلقّب شاه، وكان مملّكا على سجستان وهلك لأربع سنين من دولته. وملك بعده أخوه قرسين بن بهرام تسع سنين أخرى، وكان عادلا حسن السيرة. وملك بعده ابنه هرمز بن قرسين فوجل منه الناس لفظاظته، ثم أبدل من خلقه الشر بالخير وسار فيهم بالعدل والرّفق والعمارة وهلك لسبع سنين من ولايته. وكان هؤلاء كلهم ينزلون جنديسابور من خراسان. ولما هلك ولم يترك ولدا شق ذلك على أهل مملكته لميلهم إليه ووجدوا ببعض نسائه حملا فتوّجوه وانتظروا إتمامه، وقيل بل كان هرمز أبوه أوصى بالملك لذلك الحمل فقام أهل الدولة بتدبير الملك ينتظرون تمام الولد.

وشاع في أطراف المملكة أنهم يتلومون [١] صبيّا في المهد فطمع فيهم الترك والروم، وكانت بلاد العرب أدنى إلى بلادهم وهم أحوج إلى تناول الحبوب من البلاد لحاجتهم إليها بما هم فيه من الشظف وسوء العيش، فسار منهم جمع من ناحية البحرين وبلاد القيس ووحاظة فأناخوا على بلاد فارس من ناحيتهم وغلبوا أهلها على الماشية والحرث والمعايش، وأكثر الفساد ومكثوا في ذلك حينا ولم يغزهم أحد من فارس ولا دافعوهم لصغر الملك، حتى إذا كبر وعرضوا عليه الأمور فأحسن فيها الفصل وبلغ ست عشرة سنة من عمره [٢] ، ثم أطاق حمل السلاح نهض حينئذ للاستبداد بملكه. وكان أوّل شيء ابتدأ به شأن العرب، فجهّز إليهم العساكر وعهد إليهم أن لا يبقوا على أحد ممن لقوا منهم، ثم شخص بنفسه إليهم وغزاهم وهم غازون ببلاد فارس فقتلهم وأبرح القتل، وهربوا أمامه وأجاز البحر في طلبهم إلى الخطّ وتعدّى إلى بلاد البحرين قتلا وتخريبا. ثم غزا بعدها رءوس العرب من تميم وبكر وعبد القيس فأثخن فيهم وأباد عبد القيس ولحق فلّهم بالرمال ثم أتى اليمامة فقتل وأسر وخرّب ثم عطف إلى بلاد بكر وتغلب، ما بين مملكة فارس ومناظر الروم بالشام، فقتل من وجد هنالك من العرب وطمّ مياههم وأسكن من رجع إليه من بني تغلب دارين [٣] من البحرين والخطّو من بني تميم هجروا من بكر بن وائل كرمان ويدعون بكر إياد ومن بني حنظلة الأهواز، وبنى مدينة الأنبار والكرخ والسوس.

وفيما قاله غيره إنّ إيادا كان تشتو بالجزيرة وتصيّف بالعراق وتشن الغارة. وكانت


[١] لا معنى لهذه الكلمة حسب سياق الجملة وربما تكون محرفة عن: يولون.
[٢] الأصح ان يقول: لمّا أطاق حمل السلاح.
[٣] بمعنى البلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>