للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخزر وأدرك فيهم بثأره وما فعلوه ببلاده. ثم وفد عليه ابن ذي يزن من نسل الملوك التبابعة يستجيشه على الحبشة فبعث معه قائدا من قوّاده في جند من الديلم فقتلوا مسروقا ملك الحبشة باليمن وملكوها، وملك عليهم سيف بن ذي يزن. وأمره أن يبعث عساكره إلى الهند فبعث إلى سرنديب قائدا من قوّاده فقتل ملكها واستولى عليها وحمل إلى كسرى أموالا جمة. وملك على العرب في مدينة الحيرة. ثم سار نحو الهياطلة مطالبا بثأر جدّه فيروز فقتل ملكهم واستأصل أهل بيته، وتجاوز بلخ وما وراءها، وأنزل عساكره فرغانة وأثخن في بلاد الروم وضرب عليهم الجزى. وكان مكرما للعلماء محبا للعلم وفي أيامه ترجم كتاب كليلة وترجمه من لسان اليهود [١] وحله بضرب الأمثال ويحتاج إلى فهم دقيق. وعلى عهده ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم لاثنتين وأربعين سنة من ملكه وذلك عام الفيل. وكذلك ولد أبوه عبد الله بن عبد المطلب لأربع وعشرين من ملكه.

قال الطبريّ: وفي أيامه رأى الموبذان الإبل الصعاب تقود الخيل العراب وقد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فأفزعه ذلك، وقصّ الرؤيا على من يعبّرها، فقال: حادث يكون من العرب. فكتب كسرى إلى النعمان أن يبعث إليه بمن يسأله عما يريده فبعث إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حسّان بن نفيلة الغسّاني وقصّ عليه الرؤيا فدلّه على سطيح، وقال له: ائته أنت فسار إليه وقصّ عليه الرؤيا فأخبره بتأويلها وأنّ ملك العرب سيظهر والقصة معروفة. وكان فيما قاله سطيح إنّه يملك من آل كسرى أربعة عشر ملكا فاستطال كسرى المدّة وملكوا كلهم في عشرين سنة أو نحوها.

وبعث عامل اليمن وهرز بهديّة وأموال وطرف من اليمن إلى كسرى، فأغار عليها بنو يربوع من تميم وأخذوها، وجاء أصحاب العير الى هوذة بن عليّ ملك اليمامة من بني حنيفة، فسار معهم إلى كسرى فأكرمه وتوّجه بعقد من لؤلؤ ومن ثمّ قيل له ذو التاج، وكتب إلى عامله بالبحرين في شأنهم، وكان كثيرا ما يوقع ببني تميم ويقطعهم حتى سمّوه المكفّر فتحيل عليهم بالميرة، ونادى مناديه في أحيائهم: إنّ الأمير يقسم فيكم بحصن المشعر ميرة، فتسايلوا [٢] إليه ودخلوا الحصن، فقتل الرجال وخصى


[١] ترجم الكتاب من اللغة الهندية. وفي مقدمة هذا الكتاب عرض وافي لكيفية الحصول عليه من المكتبة الهندية.
[٢] اي قدموا من كل جهة كالسيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>