للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجعنا إلى كلامه قال: وفي الثالثة عشرة من الهجرة جهّز أبو بكر العساكر من المسلمين العرب لفتح الشام: عمرو بن العاص لفلسطين، ويزيد بن أبي سفيان لحمص، وشرحبيل بن حسنة للبلقاء، وقائدهم أبو عبيدة بن الجرّاح. وبعث خالد بن سعيد بن العاص إلى سماوة فلقيه ماهاب البطريق في جموع الروم، فهزمهم خالد إلى دمشق ونزل مرجع [١] الصفراء، ثم أخذوا عليه الطريق ونازلوه ثانية فتجهز إلى جهة المسلمين وقتل ابنه. وبعث أبو بكر خالد بن الوليد بالعراق يسير إلى الشام أميرا على المسلمين فسار ونزل معهم دمشق وفتحوها كما نذكر في الفتوحات. وزحف عمرو بن العاص إلى غيره ولقيته الروم هنالك فهزمهم وتحصّنوا ببيت المقدس وقيساريّة.

ثم زحف عساكر الروم من كل جانب في مائتين وأربعين ألفا والمسلمون في بضع وثلاثين ألفا، والتقوا باليرموك فانهزم الروم وقتل منهم من لا يحصى وذلك في خامسة عشر من الهجرة. ثم تتابعت عليهم الهزائم ونازل أبو عبيدة وخالد بن الوليد حمص فصالحوهم على الجزية. ثم سار خالد إلى قنّسرين فلقيه منياس البطريق في جموع الروم فهزمهم، وقتل منهم خلق كثير وفتح قنّسرين ودوّخ البلاد، ثم سار عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة فحاصروا مدينة الرملة وجاء عمر بن الخطاب إلى الشام فعقد لأهل الرملة الصلح على الجزية، وبعث عمرا وشرحبيل لحصار بيت المقدس فحاصروها، ولما أجهدهم البلاء طلبوا الصلح على أن يكون أمانهم من عمر نفسه، فحضر عندهم وكتب أمانهم ونصه: «بسم الله الرحمن الرحيم من عمر بن الخطاب لأهل إيلياء إنهم آمنون على دمائهم وأولادهم ونسائهم وجميع كنائسهم لا تسكن ولا تهدم» أهـ.

ودخل عمر بن الخطاب بيت المقدس وجاء كنيسة القمامة [٢] فجلس في صحنها، وحان وقت الصلاة فقال للبترك أريد الصلاة، فقال له: صلّ موضعك، فامتنع وصلّى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفردا، فلمّا قضى صلاته قال للتبرك لو صليت داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي وقالوا هنا صلى عمر، وكتب لهم أن لا يجمع على الدرجة للصلاة ولا يؤذن عليها. ثم قال للبترك أرني موضعا أبني فيه


[١] وفي نسخة ثانية: موضع الصفراء.
[٢] هي كنيسة القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>