للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنوشروان على الحيرة بعض مرازبة الفرس فلم تستقم له طاعة العرب، فولّى عليهم المنذر بن المنذر بن ماء السماء فخرج إلى جهة الشام طالبا ثأر أبيه من الحرث الأعرج الغسّاني فقتله الحرث أيضا يوم أباغ. وملك بعده ابنه النعمان بن المنذر وكان ذميما أشقر أبرش، وهو أشهر ملوك الحيرة وعليه كثرت وفود العرب وطلبه بثأر أبيه، وحرد من بني جفنة حتى أسر خلقا كثيرا من أشرافهم، وحمله عديّ بن زيد على أن تنصّر وترك دين آبائه، وحبس عديّا فشفع كسرى فيه بسعاية أخ له كان عنده فقتله النعمان في محبسه، ثم نشأ ابنه زيد بن عدي وصار ترجمانا لكسرى، فأغراه بالنعمان وحضر مع كسرى أبرويز في وقعة بين الفرس والروم وانهزمت الفرس ونجا النعمان على فرسه التخوم بعد أن طلبه منه كسرى ينجو عليه فأعرض عنه، ونزل له إياس بن قبيصة الطائي عن فرسه فنجا عليه، ووفد عليه النعمان بعد ذلك فقتله وولّى على الحيرة إياس بن قبيصة، فلم تستقم له طاعة العرب وغضبوا لقتل النعمان، وكان لهم على الفرس يوم ذي قار سنة ثلاث من البعثة، ومات إياس وصارت الفرس يولّون على الحيرة منهم إلى أن ملكها المسلمون.

وذكر البيهقي: أنّ دين بني نصر كان عبادة الأوثان، وأوّل من تنصر منهم النعمان بن الشقيقة وقيل بل النعمان الأخير. وملّكت العرب بتلك الجهات ابنه المنذر فقتله جيش أبي بكر رضي الله عنه. وفي تواريخ الأمم أنّ جميع ملوك الحيرة من بني نصر وغيرهم خمسة وعشرون ملكا في نحو ستمائة سنة والله أعلم، وهذا الترتيب مساو لترتيب الطبري والجرجاني والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين

<<  <  ج: ص:  >  >>