للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنصرة الأوس والخزرج لقيه أبناء قيلة وأخبروه أنّ يهود علموا بقصده فتحصّنوا في آطامهم فوري [١] عن قصده باليمن، وخرجوا إليه فدعاهم إلى صنيع أعده لرؤسائهم ثم استلحمهم، فعزت الأوس والخزرج من يومئذ وتفرّقوا في عالية يثرب وسافلتها يتبوّءون منها حيث شاءوا، وملكت أمرها على يهود، فذلت اليهود وقلّ عددهم وعلت قدم أبناء قيلة عليهم، فلم يكن لهم امتناع إلّا بحصونهم وتفرّقهم أحزابا على الحيّين إذا اشتجرا.

وفي كتاب ابن إسحاق: إنّ تبعا أبا كرب غزا المشرق فمرّ بالمدينة وخلف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة، فلما رجع أجمع على تخريبها واستئصال أهلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار ورئيسهم عمرو بن ظلّة، وظلة أمّه وأبوه معاوية بن عمرو. قال ابن إسحاق: وقد كان رجل من بني عديّ بن النجّار ويقال له أحمر نزل بهم تبّع، وقال: إنّما التمر لمن أبره. فزاد ذلك تبّعا حنقا عليهم فاقتتلوا. وقال ابن قتيبة في هذه الحكاية إنّ الّذي عدا على التبّعي هو مالك بن العجلان، وأنكره السهيليّ، وفرّق بين القصتين بأنّ عمرو بن ظلة كان لعهد تبّع ومالك بن العجلان لعهد أبي جبيلة واستبعد ما بين الزمانين. ولم يزل هذان الحيّان قد غلبوا اليهود على يثرب. وكان الاعتزاز والمنعة تعرف لهم في ذلك، ويدخل في حلفهم من جاورهم من قبائل مضر وكانت قد تكون بينهم في الحيّين فتن وحروب ويستصرخ كل بمن دخل في حلفه من العرب ويهود.

قال ابن سعيد: ورحل عمرو بن الإنابة من الخزرج إلى النعمان بن المنذر ملك الحيرة فملكه على الحيرة، واتصلت الرئاسة في الخزرج والحرب بينهم وبين الأوس، ومن أشهر الوقائع التي كانت بينهم يوم بعاث قبل المبعث، كان على الخزرج فيه عمرو بن النعمان بن صلاة بن عمرو بن أمية بن عامر بن بياضة، وكان على الأوس يومئذ حضير الكتائب ابن سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. وكان حلفاء الخزرج يومئذ أشجّ من غطفان وجهينة من قضاعة، وحلفاء الأوس مزينة من أحياء طلحة بن إياس وقريظة والنضير من يهود، وكان الغلب صدر النهار للخزرج ثم نزل حضير وحلف لا أركب أو أقتل، فتراجعت الأوس وحلفاؤها وانهزم الخزرج، وقتل عمرو بن النعمان رئيسهم. وكان آخر الأيام بينهم،


[١] أي أخفى قصده.

<<  <  ج: ص:  >  >>