فقالا شفاك الله والله ما لنا ... بما حملت منك الضّلوع يدان
[١] وعرّاف اليمامة هو رباح بن عجلة وعرّاف نجد الأبلق الأسديّ. ومن هذه المدارك الغيبيّة ما يصدر لبعض النّاس عند مفارقة اليقظة والتباسه بالنّوم من الكلام على الشّيء الّذي يتشوّف إليه بما يعطيه غيب ذلك الأمر كما يريد ولا يقع ذلك إلّا في مبادئ النّوم عند مفارقة اليقظة وذهاب الاختبار في الكلام فيتكلّم كأنّه مجبور على النّطق وغايته أن يسمعه ويفهمه وكذلك يصدر عن المقتولين عند مفارقة رءوسهم وأوساط أبدانهم كلام بمثل ذلك. ولقد بلغنا عن بعض الجبابرة الظّالمين أنّهم قتلوا من سجونهم أشخاصا ليتعرّفوا من كلامهم عند القتل عواقب أمورهم في أنفسهم فأعلموهم بما يستبشع. وذكر مسلمة في كتاب الغاية له في مثل ذلك أنّ آدميّا إذا جعل في دنّ مملوء بدهن السّمسم ومكث فيه أربعين يوما يغذّى بالتّين والجوز حتّى يذهب لحمه ولا يبقى منه إلّا العروق وشئون رأسه فيخرج من ذلك الدّهن فحين يجفّ عليه الهواء يجيب عن كلّ شيء يسأل عنه من عواقب الأمور الخاصّة والعامّة وهذا فعل من مناكير أفعال السّحرة لكن يفهم منه عجائب العالم الإنسانيّ ومن النّاس. من يحاول حصول هذا المدرك الغيبيّ بالرّياضة فيحاولون بالمجاهدة موتا صناعيا بإماتة جميع القوى البدنيّة ثمّ محو آثارها الّتي تلوّنت بها النّفس ثمّ تغذيتها بالذّكر لتزداد قوّة في نشئها ويحصل ذلك بجمع الفكر وكثرة الجوع ومن المعلوم على القطع أنّه إذا نزل الموت بالبدن ذهب الحسّ وحجابه واطّلعت النّفس على المغيّبات ومن هؤلاء أهل الرّياضة السّحريّة يرتاضون بذلك ليحصل لهم الاطّلاع على المغيّبات والتّصرّفات في العوالم وأكثر هؤلاء في الأقاليم المنحرفة جنوبا وشمالا خصوصا بلاد الهند ويسمّون هنالك الحوكيّة ولهم كتب في كيفيّة هذه الرّياضة كثيرة والأخبار عنهم في ذلك غريبة. وأمّا المتصوّفة فرياضتهم دينيّة وعريّة عن هذه المقاصد المذمومة
[١] أي لا نستطيع أن نشفيك من الحب الّذي تحمله ضلوعك