عنها ونزل قلعة رياح وبعث عسكرا للاغارة عليها وكان أهل طليطلة قد خرجوا في اتباعه الى قلعة رياح فكمن لهم فأوقعوا به فاغتم لذلك، وهلك لأيام قليلة. وبعث عبد الرحمن العساكر لحصارها ثانيا فلم يظفروا، وكمن المغيرون عليها بقلعة رياح يعاودونها بالحصار كل حين. ثم بعث عبد الرحمن أخاه الوليد في العساكر سنة اثنتين وعشرين لحصارها، وقد أشرفوا على الهلكة، وضعفوا عن المدافعة فاقتحمها عنوة وسكن أهلها وأقام إلى آخر ثلاث وعشرين ورجع. وفي سنة أربع وعشرين بعث عبد الرحمن قريبه عبيد الله بن البلنسي في العساكر لغزو بلاد ألبة والقلاع، ولقي العدوّ فهزمهم وكثر السبي والقتل. ثم خرج لزريق ملك الجلالقة وأغار على مدينة سالم بالثغر. فسار إليه فرنون بن موسى وقاتله فهزمه، وأكثر القتل في العدوّ والأسر.
ثم سار إلى الحصن الّذي بناه أهل ألبة بالثغر نكاية للمسلمين فافتتحه وهدمه. ثم سار عبد الرحمن في الجيوش إلى بلاد جليقة فدوّخها وافتتح عدّة حصون منها، وجال في أرضهم ورجع بعد طول المقام بالسبي والغنائم. وفي سنة ست وعشرين ومائتين بعث عبد الرحمن العساكر إلى أرض الفرنجة، وانتهوا إلى أرض سلطانية، وكان على مقدّمة المسلمين موسى بن موسى عامل تطيلة ولقيهم العدوّ فصبروا حتى هزم الله عدوّهم، وكان لموسى في هذه الغزاة مقام محمود ووقعت بينه وبين بعض قوّاد عبد الرحمن ملاحاة، وأغلظ له القائد فكان ذلك سببا لانتقاضه، فعصى على عبد الرحمن وبعث إليه الجيوش مع الحرث بن بزيغ فقاتله موسى وانهزم وقتل ابن عمّه، ورجع الحرث إلى سرقسطة. ثم زحف الى تطيلة وحاصر بها موسى حتى نزل عنها على الصلح إلى أربط وأقام الحرب بتطيلة أياما. ثم سار لحصار موسى في أربط فاستنصر موسى بغرسية من ملوك الكفر فجاءه، وزحف الحرث وأكمنوا له فلقيهم على نهر بلبة، فخرجت عليه الكمائن بعد أن أجاز النهر وأوقعوا به وأسروه، وقد فقئت عينه، واستشاط عبد الرحمن لهذه الواقعة، وبعث ابنه محمدا في العساكر سنة تسع وعشرين وحاصر موسى بتطيلة حتى صالحه، وتقدّم إلى ينبلونة فأوقع بالمشركين عندها وقتل غرسية صاحبها الّذي أنجد موسى على الحرث. ثم عاود موسى الخلاف، فزحفت إليه العساكر فرجع إلى المسالمة ورهن ابنه عبد الرحمن على الطاعة، وقبله عبد الرحمن وولّاه تطيلة، فسار إليها واستقرّت في عمالته. ثم كان في هذه السنة خروج المجوس في أطراف بلاد الأندلس ظهروا سنة ست وعشرين بساحل أشبونة،