للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقى بيده إلى البربر على الخراج. وكتب الخراج على عجم إفريقية ومن أقام معهم على النصرانية من البربر والبرانس. واختلفت أيدي البربر فيما بينهم على إفريقية والمغرب فخلت أكثر البلاد، وقدم موسى بن نصير إلى القيروان واليا على إفريقية. ورأى ما فيها من الخلاف، وكان ينقل العجم من الأقاصي إلى الأداني وأثخن في البربر.

ودوخ المغرب وأدّى إليه البربر الطاعة. وولي على طنجة طارق بن زياد، وأنزل معه سبعة وعشرين ألفا من العرب واثني عشر ألفا من البربر، وأمرهم أن يعلموا البربر القرآن والفقه. ثم أسلم بقية البربر على يد إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر سنة إحدى ومائة.

وذكر أبو محمد بن أبي زيد: إن البربر ارتدوا اثنتي عشرة مرة من طرابلس إلى طنجة، ولم يستقر إسلامهم حتى أجاز طارق وموسى بن نصير إلى الأندلس بعد أن دوخ المغرب وأجاز معه كثير من رجالات البربر أمرائهم برسم الجهاد. فاستقروا هنالك من لدن الفتح، فحينئذ استقر الإسلام بالمغرب وأذعن البربر لحكمه، ورسخت فيهم كلمة الإسلام وتناسوا الردة. ثم نبضت فيهم عروق الخارجية فدانوا بها، ولقنوها من العرب الناقلة ممن سمعها بالعراق. وتعددت طوائفهم وتشعبت طرقها، من الإباضية والصفرية كما ذكرنا في أخبار الخوارج.

وفشت هذه البدعة وعقدها رءوس النفاق من العرب وجرت إليهم الفتنة من البربر ذريعة إلى الانتزاء على الأمر فاختلوا [١] في كل جهة، ودعوا إلى قائدهم طغام البربر تتلون عليهم مذاهب كفرها، ويلبسون الحق بالباطل فيها إلى أن رسخت فيهم عروق من غرائسها. ثم تطاول البربر إلى الفتك بأمراء العرب، فقتلوا يزيد بن أبي مسلم سنة اثنتين ومائة لما نقموا عليه في بعض الفعلات. ثم انتقض البربر بعد ذلك سنة اثنتين وعشرين ومائة في ولاية عبد الله بن الحجاب أيام هشام بن عبد الملك لما أوطأ عساكره بلاد السوس، وأثخن في البربر وسبى وغنم. وانتهى إلى مسوفة فقتل وسبى وداخل البربر منه رعب وبلغه أن البربر أحسوا بأنهم فيء للمسلمين فانتقضوا عليه.

وثار ميسرة المطغتي [٢] بطنجة على عمرو بن عبد الله فقتله وبايع لعبد الأعلى بن جريج


[١] وفي النسخة التونسية: فأجلبوا.
[٢] وفي نسخة أخرى: ميسرة المطغري وفي كتاب قبائل الغرب ص ٣٨٢: ميسرة المدغري.

<<  <  ج: ص:  >  >>