للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا سبعة يعاسيب كان فيهم الفرنسيس وإخوة جرون [١] صاحب صقلّيّة وصاحب الجزر، والعلجة زوج الطاغية تسمى الرينة، وصاحب البر الكبير، وتسميهم العامة من أهل الأخبار ملوكا ويعنون أنهم متباينون ظاهروا على غزو تونس وليس كذلك.

وإنما كان واحدا وهو طاغية الفرنجة وإخوته وبطارقته، عدّ كل واحد منهم ملكا لفضل قوّته وشدّة بأسه، فأنزلوا عساكرهم في المدينة القديمة من قرطاجنة. وكانت ماثلة الجدران اضطرم المعسكر بداخلها، ووصلوا ما فصله الخراب من أسوارها بألواح الخشب ونضّدوا شرفاتها وأداروا على السور خندقا بعيد المهوى وتحصّنوا. وندم السلطان على إضاعة الحزم في تخريبها أو دفاعهم عن نزلها. وأقام ملك الفرنجة وقومه متمرسين بتونس ستة أشهر والمدد يأتيه في أساطيله من البحر من صقلّيّة والعدوة بالرجل والأصلحة والأقوات.

وسلك بعض المسلمين طريقا في البحيرة واتبعهم العرب فأصابوا غرّة في العدوّ فظفروا وغنموا وشعروا بمكانهم، فكلّفوا بحراسة البحيرة وبعثوا فيها الشواني بالرماة ومنعوا الطريق إليهم، وبعث السلطان في ممالكه حاشدا فوافته الأمداد من كل ناحية، ووصل أبو هلال صاحب بجاية وجاءت جموع العرب وسدويكش وولهاصة وهوّارة حتى أمدّه ملوك المغرب من زناتة، وسرّح إليه محمد بن عبد القوى عسكر بني توجين لنظر ابنه زيّان وأخرج السلطان أبنيته [٢] وعقد لسبعة من الموحّدين على سائر الجند من المرتزقة والمطوّعة وهم: إسماعيل بن أبي كلداسن وعيسى بن داود ويحيى بن أبي بكر ويحيى بن صالح وأبو هلال عياد صاحب بجاية ومحمد بن عبو، وأمرهم كلّهم راجع ليحيى بن صالح ويحيى بن أبي بكر منهم.

واجتمع من المسلمين عدد لا يحصى، وخرج الصلحاء والفقهاء والمرابطون لمباشرة الجهاد بأنفسهم والتزم السلطان القعود بإيوائه مع بطانته وأهل اختصاصه وهم:

الشيخ أبو سعيد المعروف بالعود، وابن أبي الحسين، وقاضيه أبو القاسم بن البراء، وأخو العيش. واتصلت الحرب والتقوا في منتصف محرم سنة تسع بالمنصف، فزحف يومئذ يحيى بن صالح وجرون فمات من الفريقين خلق، وهجموا على المعسكر بعد العشاء وتدامر المسلمون عنده، ثم غلبوا عليه بعد أن قتل من النصارى زهاء


[١] وفي النسخة الباريسية: جرول.
[٢] لا معنى لهذه الجملة وربما تكون: وخرج السلطان من أبنيته، أو أخرج السلطان من في.

<<  <  ج: ص:  >  >>