للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه فقابلتني وجوه عنايته، وأشرقت عليّ أشعة نجعته [١] كما نذكر ذلك من بعد إن شاء الله تعالى.

(الخبر عن زحف حمو وبني عبد الواد الى بجاية ونكبتهم عليها وفتح تدلس من أيديهم بعدها) كان الأمير أبو عبد الله صاحب بجاية لما اشتدّت الفتنة بينه وبين عمّه السلطان أبي العبّاس مع ما كان بينه وبين بني عبد الواد من الفتنة عند غلبه إياهم على تدلس، يكابد حمل العداوة من الجانبين، وصغا إلى مهادنة بني عبد الواد فنزل لهم عن تدلس، وأمكن منها قائد العسكر المحاصر لها. وأوفد رسله على سلطانهم أبي حمو بتلمسان، وأصهر إليه أبو حمو في ابنته فعقد له عليها وزفّها إليه بجهاز أمثالها. فلما غلبه السلطان أبو العباس على بجاية وهلك في مجال حربه، أشاع أبو حمو الامتعاض له لمكان الصهر، وجعلها ذريعة إلى الحركة على بجاية. وزحف من تلمسان يجرّ الشوك والمدر في آلاف من قومه طبقات العساكر والجند. وتراجع العرب حتى انتهى إلى وطن حمزة فأجفل أمامه أبو الليل موسى بن زغلي في قومه بني يزيد، وتحصّنوا في جبال زواوة المطلّة على وطن [٢] حمزة. وبعث إليه رسله لاقتضاء طاعته فاوثقهم كتافا، وكان فيهم يحيى حافد أبي محمد صالح نزع عن السلطان أبي العباس إلى أبي حمو، وكان عينا على غزاة أبي الليل هذا لما بينهما من الولاء والجوار والوطن، وجاء في وفد الوفادة عن أبي حمو فتقبّض عليهم وعليه فقتله وبعث برأسه إلى بجاية.

وامتنع على أبي حمو وعساكره فأجلبوا إلى بجاية، ونزل معسكره بساحتها وقاتلها أياما، وجمع الفعلة على الآلات في الحصار. وكان السلطان أبو العباس بالبلد وعسكره مع مولاه بشير بتكرارت، ومعهم أبو زيّان بن عثمان بن عبد الرحمن، وهو عم أبي حمو من أعياص بيتهم، وكان من خبره أنه كان خرج من المغرب كما نذكره في أخباره. ونزل على السلطان أبي إسحاق بالحضرة ورعى له أبو محمد


[١] كذا في النسخة الباريسية ويقال: فلان نجعتي: أي أملي. وفي نسخة ثانية بختة.
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي طبعة بولاق: وطا حمزة.

<<  <  ج: ص:  >  >>