للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سماط وبني أبي كواية. ولما أحكم مداخلتهم في شأنه آذنه عشاء للشورى معه في بعض المهمات، وطعنه بخنجره فأشواه وهلك لحينه. واستقلّ يوسف بن منصور بإمارة الزاب ووصله مرسوم السلطان بالتقليد والخلع على العادة، وأجرى الرسم في الدعاء له على منابر عمله.

وكان السلطان قد استدعى محمد بن سيّد الناس من الثغر ببجاية [١] ، وفوّض له أمور ملكه، فهاجت نار العداوة والإحن القديمة بما بينه وبين يوسف بن منصور عامل الزاب، وهمّ به لولا ما أخذ بحجزته من الشغل الشاغل للدّولة بتحيّف آل زيّان وهلك الحاجب سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة في نكبة السلطان إيّاه كما ذكرناه، وعقد لمحمد بن الحكيم على القيادة وجعل بيده زمام العساكر، وفوّض له في سائر القرى والضواحي، فأجرى رياسته وحكمه في دولته وتغلّب على أمره على حين فرغ السلطان من الشغل بمدافعة عدوّه، وحطّ ما كان من أمرهم على كاهل دولته. ونهض السلطان أبو الحسن إلى آل يغمراسن فقلّم أظفار اعتدائهم [٢] وفلّ شبا عزائمهم كما شرحنا قبل، فأذكى القائد محمد بن الحكيم مع يوسف بن منصور نار العداوة، وأثار له من السلطان كأمن الحفيظة وصرف وجوه العزائم إلى حمله على الجادة وتقويمه عن المراوغة في الطاعة، وناهضه بالعساكر مرّات ثلاثا يدافعه في كلّها بتسليم الجباية إليه. ثم كانت بينه وبين علي بن أحمد كبير الزواودة فتن وحروب دعا إليها منافسة علي في استئثاره بمال الجباية دونه فواضعه الحرب، ودعا العرب إلى منازلته مموّها بالدعاء إلى السنّة، وحشد أهل ريغة لذلك ونازلة، وانحرف عنه ابنه يعقوب ودخل إلى بسكرة فأصهر له ابن مزني في أخته بنت منصور بن فضل، وعقد له عليها، فحسن دفاعه عنه، وبعث ابن مزني عن سليمان بن عليّ كبير أولاد سبّاع، وقريع علي بن أحمد في شئونه، فكان عنده ببسكرة يغاديه القتال ويراوحه إلى أن امتنع ابن مزني.

ورحل علي بن أحمد عن بسكرة وصار مع ابن مزني إلى الاتفاق والمهادنة أعوام الأربعين من المائة الثامنة. ثم كانت غزاة القائد بن الحكيم إليه نهض من إفريقية بعد أن نازل بلاد الجريد، واقتضى طاعتهم ومغارمهم، واسترهن ولد ابن يملول. ثم


[١] وفي نسخة ثانية: لحجابته.
[٢] وفي نسخة ثانية: أعدائهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>