للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن علي بن عبد الجليل بن العابد من بيوتها، ونسبهم بزعمهم في بلى ولهم خلف بزعمهم في الشريد من بطون سليم. والله أعلم بأوّلية نزولهم بقفصة حتى التحموا بأهلها وانتظموا أمر بيوتاتها. وكانت البيوت بها بيت بني عبد الصمد وبيت بني أبي زيد، وكانت رياسته لبعض بني أبي زيد لعهد الأمير أبي زكريا الأعلى، كان يستعمله على جباية أموال الجريد، ثم سعى به أنه أصاب منها فنكبه وصودر على آلاف من المال فأعطاها، وأقامت رياستهم متفرّقة في هذه البيوتات.

ولما حدثت العصبية بالبلد أيام صار أمر الجريد إلى الشورى كان بنو العابد هؤلاء أقوى عصبية من سائرهم، واستبدّ بها كبيرهم يحيى بن علي. فلما فرغ السلطان من شغله بزناتة وخيّم السلطان أبو الحسن على تلمسان فحاصرها. وأقبل السلطان على النظر في تمهيد ملكه وإصلاح ثغوره، وافتتح أمره بغزو قفصة ونهض إليها سنة خمس وثلاثين وسبعمائة في عساكر من الموحدين وطبقات الجند والأولياء من العرب، فحاصرها شهرا أو نحوه وقطع نخيلها فضاق مخنقهم بالحصار وتلاوموا في الطاعة.

واستبقوا بها إلى السلطان وفرّ الكثير من بني العابد فلحقوا بقابس في جوار ابن مكي ونزل أهل البلد على حكم السلطان فتقبّل طاعتهم وأحسن التجاوز عنهم، وبسط المعدلة فيهم وأحسن أمل ذوي الحاجات منهم، وانكفأ راجعا إلى حضرته بعد أن آثرهم بسكنى الجريد، واحتمل مقدّم روضة يحيى بن علي إلى الحضرة فلم يزل بها إلى أن هلك سنة أربع وأربعين وسبعمائة، واستبد الأمير أبو العبّاس بأمر الجريد واستولى على نفطة كما قدّمناه. وقيل لبني الخلف وهم: مدافع وأبو بكر عبد الله ومحمد وابنه أحمد بن محمد إخوة أربعة، وابن أخيهم بنو الخلف من مدافع، ونسبهم في غسّان من طوالع العرب.

انتقل جدهم من بعض قرى نفزاوة إلى نفطة وتأثّل بها، وكان لبنيه بها بيت. واستبدّ هؤلاء الإخوة الأربعة أزمان الشورى كما قدّمناه. ولما استولى السلطان أبو بكر على الجريد وأنزل أنبه أبا لعبّاس بقفصة، وعقد له على سائر أمصاره وأمضى طاعتهم وامتنعوا فسرّح إليهم وزيره أبا القاسم بن عتو من مشيخة الموحّدين. وجهّزت له العساكر من الحضرة ونازلها وقطع نخلها ولاذ أهلها بالطاعة، وأسلموا بني مدافع المتغلّبين فضرب أعناقهم وصلبهم في جذوع النخل آية للمعتبرين. وأفلت السيف منهم عليّا صغيرهم لذمّة اعتدّها له أبو القاسم بن عتو لنزوعه إليه قبل الحادثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>