فكانت واقيته من الهلكة. واستولى الأمير أبو العباس على نفطة واستضافها إلى عمله.
ثم مرض أبو بكر بن يملول في طاعته فنهض إليه السلطان أبو بكر من تونس سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وكان الفتح كما قدّمناه. ولحق أبو بكر بن يملول ببسكرة فلم يزل بها إلى أن أجلب على توزر فنبذ إليه يوسف بن مزني عهده، وانتقل إلى حصون وادي ابن يملول المجاورة لتوزر، وهلك سنة ست وأربعين. ثم كان مهلك السلطان وابنه أبو العبّاس صاحب الأعمال الجريدية إثر ذلك سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ورجع إلى كل مصر من الجريد مقدّموه فرجع أحمد بن عمر بن العابد إلى قفصة من مكانه في جوار ابن مكي واستولى على بلده في مكان ابن عمه يحيى بن علي، ورجع علي بن الخلف إلى نفطة واستبدّ بها. ورجع يحيى بن محمد بن أحمد بن يملول إلى توزر من مثوى اغترابه ببسكرة، ارتحل إليها مع عمه أبي بكر طفلا، فلمّا خلا الجريد من الإمارة ودرج يحيى هذا من عشّه في جوار يوسف بن منصور بن مزني وأطلقه مع أولاد مهلهل من الكعوب بعد أن وصلهم وشاركهم [١] ، واسترهن فيه أبناءهم فأوصلوه إلى محل رياسته بتوزر، ونصّبه شيعته وأولياء أبيه، وقاموا بأمره.
ورجع أمر الجريد كلّه إلى رياسة مقدّمه كما كان.
ثم وفدوا على السلطان أبي الحسن عند رجعته إلى إفريقية ولقوة بوهران فلقاهم مبرّة وتكرمة ورجّع كلا إلى بلده ومحل رياسته بعد أن أسنى الجائزة، ووفّر الأسهام والأقطاع، وأنفذ الصكوك والكتب، فرجع إلى توزر يحيى بن محمد بن أحمد بن يملول صبيا مغتلما، وإلى نفطة عليّ بن الخلف. وإلى قفصة أحمد بن عمر بن العابد ونزل كل واحد من هذه الأمصار عاملا وحامية. وعقد على الجريد كلّه لمسعود ابن إبراهيم بن عيسى اليرنياني من طبقة وزرائه، واستوصى بهؤلاء الرؤساء خيرا في جواره حتى إذا كانت نكبة السلطان بالقيروان سنة تسع وأربعين وسبعمائة وارتحل عامل الجريد مسعود بن إبراهيم ونزل المغرب بمن معه من العمّال والحامية، ونمي خبره إلى الأعراب من كرفة فصبحوه في بعض مراحل سفره دون أرض الزاب فاستلحموه ومن كان معه من الحامية، واستولوا على أفنيتهم وذخيرتهم وكراعهم، واستبدّ رؤساء تلك البلاد بأمصارهم وعادوا إلى ديدنهم من التمريض، وآذنوا بالدعاء لصاحب الحضرة