للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترفع عن حال أبيه بعض الشيء إلى مناغاة هؤلاء الرؤساء المترفين، فبينما هؤلاء المتقدّمون في هذه الحالة من الاستبداد على السلطان والتخلف بأخلاق الملوك، والتثاقل عن الرعايا بالعسف والجور، واستحداث المكوس والضرائب إذ طالما خصهم [١] السلطان أبو العباس بالحضرة مستبدا بدعوته، صارفا سهم عزائمه [٢] فوجموا وتوجسوا الخيفة منه. وائتمروا في المظاهرة واتصال اليد بعد أن كانوا يستحثّونه إلى الحضرة، ويبعثون إليه بالانحياش على البعد زبونا على صاحب الحضرة ونزوعا على مصدوقية الطاعة. فلما استبدّ السلطان أبو العباس بالدعوة استرابوا في أمرهم وسرّبوا أموالهم في الأعراب المخالفين على السلطان من الكعوب، يؤمّلون مدافعتهم عنهم فشمّر لها أولاد أبي الليل بما كان وقع بينهم وبين السلطان من النفرة.

ونهض إليهم السلطان فغلبهم على ضواحي إفريقية على الظواعن التي كانت جبايتها لهم من مرنجيزة كما قلناه، واستلحمهم فأوهن ذلك من قوّتهم.

ثم زحف الثانية إلى أمصار الجريد فلاذوا بالامتناع، فأناخ السلطان بعساكره وأوليائه من العرب أولاد مهلهل على قفصة فقاتلوها يوما أو بعض يوم، وعدا في ثانية على السلطان ونزل على حكمه فتقبّض عليه وعلى ابنه شهر ذي القعدة من سنة ثمانين وسبعمائة وتملّك البلد، واستولى على ديار ابن العابد بما فيها. وكان استيلاء لا يعبّر عنه لطول أيامه في الولاية وكثرة احتجانه للأموال. وعقد السلطان على قفصة لابنه أبي بكر وارتحل يريد توزر، وطار الخبر لابن يملول في توزر فقوّض عنها بأهله، ونزل على أحياء مرداس وسرّب فيهم المال فرحلوا معه إلى الزاب، ولحق ببسكرة مأوى نكباته ومنتهى مقره، فنزل بها على أحمد بن يوسف بن مزني وأقام هنالك على بلغة [٣] من توقع مطالبة السلطان له ولجاره ابن مزني من خسارة أموالهم في لفوف [٤] العرب وسوء المغبّة إلى أن هلك لسنة أو نحوها وائتمر أهل توزر. بعد تقويضه عنهم، بعثوا إلى السلطان ببيعتهم فلقيه في أثناء طريقه، وتقدّم إلى البلد فنزل بقصور ابن يملول واستولى على ذخيرته وتبرّأ إليه أهل البلد من ودائع كانت له عندهم من خالص


[١] وفي نسخة ثانية: إذ أطل على مفاحصهم.
[٢] وفي نسخة ثانية: صارفا الى فتحها عزائمه.
[٣] وفي نسخة ثانية: على قلعة.
[٤] وفي نسخة ثانية: زبون.

<<  <  ج: ص:  >  >>