للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذخيرة فدفعوها إلى السلطان. وعقد لابنه المنتصر على توزر، واستقدم الخلف بن الخلف من نفطة، وكان يخالف أصحابه إلى الطاعة حتى نقضوها زبونا على ابن يملول وسالفه من العداوة ينقلها [١] . فلما أحيط بهم أدركه الدهش وبادر إلى السلطان بطاعته فأتاها، وقدم عليه فتقبّل السلطان ظاهره وأعطى له عن غيرها طمعا في استصلاحه، وعقد له على حجابة ابنه المنتصر وأنزله معه بتوزر وأمره باستخلافه بلده نفطة، وعقد له على ولايتها وانكفأ راجعا إلى حضرته، وقدّم ابن الخلف على أمره ورأى أنه قد تورّط في الهلكة فراسل ابن يملول بمكانه من توزر، وعثر أولياء السلطان على كتابه إلى يعقوب بن علي شيخ رياح ومدرة [٢] حروبهم يحرّضه على صريخ ابن يملول ومعونته، فعلموا نكثه ومداجاته وبادروا إلى القبض عليه، وولّوا على نفطة من قبلهم وخاطبوا السلطان بالشأن وأقام في ارتحاله إلى أن كانت حادثة قفصة، فبادر الأمير المنتصر إلى قتله.

وكان من خبر قفصة أنّ ابن أبي زيد من مشيختها كان ينزع إلى السلطان قبل فتحها هو وأخوه لمنافسة بينهما وبين ابني العابد وهما: محمد وأحمد ابنا عبد العزيز بن عبد الله ابن أحمد بن عليّ بن عمر بن أبي زيد. وقد ذكر أوليتهم واستعمال سلفهم أيام الأمير زكريا الأعلى في جبايته الجريد. فلما استولى السلطان على البلاد رعى لهما تشيعهما وبدارهما إلى طاعته مع قومهما فأمر لهما مع ابنه بقفصة وكبيرها [٣] رديف لحاجبه عبد الله من الموالي الأتراك ومدبّر لأمور البلد في طاعة السلطان. ثم نزغ الشيطان في صدره وحدّثته نفسه بالاستبداد، وأقام يتحيّن له الفرض وذهب الأمير أبو بكر إلى زيارة أخيه بتوزر فكاده بالتخلف عنه، وجمع أوباشا من الغوغاء والزعانف وتقدّم بهم إلى القصبة وبعث بالصريخ للفتك بعبد الله التركي ونذر بذلك فأغلق أبواب القصبة وبعث الصريخ في أهل القرى، وقاتلهم ساعة من نهار حتى وافى إليه المدد.

فلما استغلظ بمدده أدركهم الدهش وانفضّ الأشرار من حوله ونجوا إلى الاختفاء في بيوت البلد، وتقبّضوا على الكثير ممن داخلهم في الثورة، ووصل الخبر إلى الأمير


[١] وفي نسخة ثانية: كان يتقبلها.
[٢] مدرة: دره عليهم: طلع وهجم، ودره لهم وعنهم: دافع (القاموس) .
[٣] وفي نسخة ثانية: مع قديمهما فانزلهما مع ابنهما بقفصة، وكبيرهما رديف لحاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>