للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنك والحلق والأضراس أو بقرع الشّفتين أيضا فتتغاير كيفيّات الأصوات بتغاير ذلك القرع وتجيء الحروف متمايزة في السّمع وتتركب منها الكلمات الدّالّة على ما في الضّمائر وليست الأمم كلّها متساوية في النّطق بتلك الحروف فقد يكون لأمّة من الحروف ما ليس لأمّة أخرى والحروف الّتي نطقت بها العرب هي ثمانية وعشرون حرفا كما عرفت ونجد للعبرانيّين حروفا ليست في لغتنا وفي لغتنا أيضا حروف ليست في لغتهم وكذلك الإفرنج والتّرك والبربر وغير هؤلاء من العجم ثمّ إنّ أهل الكتاب من العرب اصطلحوا في الدّلالة على حروفهم المسموعة بأوضاع حروف مكتوبة متميزة بأشخاصها كوضع ألف وباء وجيم وراء وطاء إلى آخر الثّمانية والعشرين وإذا عرض لهم الحرف الّذي ليس من حروف لغتهم بقي مهملا عن الدّلالة الكتابيّة مغفلا عن البيان وربّما يرسمه بعض الكتّاب بشكل الحرف الّذي يكتنفه من لغتنا قبله أو بعده وليس بكاف في الدّلالة بل هو تغيير للحرف من أصله. ولمّا كان كتابنا مشتملا على أخبار البربر وبعض العجم وكانت تعرض لنا في أسمائهم أو بعض كلماتهم حروف ليست من لغة كتابتنا ولا اصطلاح أوضاعنا اضطررنا إلى بيانه ولم نكتف برسم الحرف الّذي يليه كما قلناه لأنّه عندنا غير واف بالدّلالة عليه فاصطلحت في كتابي هذا على أن أضع ذلك الحرف العجميّ بما يدلّ على الحرفين اللّذين يكتنفانه ليتوسّط القارئ بالنّطق به بين مخرجي ذينك الحرفين فتحصل تأديته وإنّما اقتبست ذلك من رسم أهل المصحف حروف الإشمام كالصّراط في قراءة خلف فإنّ النّطق بصاده فيها معجم متوسّط بين الصّاد والزّاي فوضعوا الصّاد ورسموا في داخلها شكل الزّاي ودلّ ذلك عندهم على التّوسّط بين الحرفين فكذلك رسمت أنا كلّ حرف يتوسّط بين حرفين من حروفنا كالكاف المتوسّطة عند البربر بين الكاف الصّريحة عندنا والجيم أو القاف مثل اسم بلكين فأضعها كافا وأنقّطها بنقطة الجيم واحدة من أسفل أو بنقطة القاف واحدة من فوق أو اثنتين فيدلّ ذلك على أنّه متوسّط بين الكاف والجيم أو القاف وهذا الحرف أكثر ما يجيء في لغة البربر وما جاء من

<<  <  ج: ص:  >  >>