ملكها بغرناطة، وعثمان بن يحيى مقدّم القوم في الدولة عريق في المخالصة، وله على السلطان دالة واستبداد على هواه. فلما فصل ابن الخطيب بأهل السلطان وولده، وأعاده السلطان إلى مكانه من الدولة من علوّ يده وقبول إشارته، فأدركته الغيرة من عثمان، ونكر على السلطان الاستكفاء به، والتخوّف من هؤلاء الأعياص على ملكه، فحذره السلطان وأخذ في التدبير عليه حتى نكبه وأباه وإخوته في رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة وأودعهم المطبق. ثم غرّبهم بعد ذلك، وخلا لابن الخطيب الجوّ وغلب على هوى السلطان ودفع إليه تدبير المملكة، وخلط بينه بندمائه وأهل خلوته، وانفرد ابن الخطيب بالحلّ والعقد وانصرفت إليه الوجوه وعلقت عليه الآمال، وغشي بابه الخاصّة والكافّة. وغصّت به بطانة السلطان وحاشيته، فتوافقوا على السعاية فيه [١] وقد صمّ السلطان عن قبولها. ونمي الخبر بذلك الى ابن الخطيب، فشمّر عن ساعده في التقويض عنهم. واستخدم للسلطان عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن ملك العدوة يومئذ في التقبّض على ابن عمّه عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ابن السلطان أبي علي. كانوا قد نصّبوه شيخا على الغزاة في الأندلس لما أجاز من العدوة بعد ما جاس خلالها لطلب الملك، وأضرم بها نار الفتنة في كل ناحية وأحسن دفاعه الوزير عمر بن عبد الله القائم حينئذ بدولة بني مرين، فاضطرّ إلى الإجازة إلى الأندلس، فأجاز هو ووزيره مسعود بن ماسي ونزلوا على السلطان على المخلوع أعوام سبع وستين وسبعمائة فأكرم نزلهم، وتوفي علي بن بدر الدين شيخ الغزاة، فقدم عبد الرحمن مكانه. وكان السلطان عبد العزيز قد استبدّ بملكه بعد قتله الوزير عمر بن عبد الله، فغصّ بما فعله السلطان المخلوع من ذلك. وتوقّع انتقاض أمره منهم. ووقف على مخاطبات ابن عبد الرحمن يسرّ بها في بني مرين، فجزع لذلك. وداخله ابن الخطيب في اعتقال ابن أبي يفلوسن وابن ماساي واراحة نفسه من شغبهم، على أن يكون له المكان من دولته متى نزع إليه، فأجابه إلى ذلك وكتب له العهد بخطه، على يد سفيره إلى الأندلس، وكاتبه أبي يحيى بن أبي مدين. بني مرين وأغرى ابن الخطيب سلطانه بالقبض على ابن أبي يفلوسن وابن ماسي فتقبّض عليهما. واعتقلهما وفي خلال ذلك استحكمت نفرة ابن الخطيب لما بلغه عن البطانة من القدح فيه والسعاية. وربّما خيّل أنّ السلطان مال إلى قبولها وأنّهم قد