للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشرون من محرّم سنة تسع وثمانين وسبعمائة (وكتب إليّ) قاضي الجماعة بغرناطة أبو الحسن علي بن الحسن البنيّ [١] :

الحمد للَّه والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا محمد رسول الله يا سيّدي وواحدي ودّا وحبّا، ونجيّ الروح بعدا وقربا أبقاكم الله وثوب سيادتكم سابغ، وقمر سعادتكم كلما أفلت الأقمار بازغ، أسلّم بأثّم عليكم، وأقرّر بعض ما لديّ من الأشواق إليكم، من حضرة غرناطة مهّدها الله عن ذلك لكم يتضوّع طيبه وشكر لا يذوى وإن طال الزمان طيبه قد كان بلغ ما جرى من تأخيركم عن الولاية التي تقلّدتم أمرها، وتحملّتم مرّها، فتمثّلت بما قاله شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب [٢] عند انفصال صاحبه الشريف أبي القاسم [٣] عن خطّة القضاء.

لا مرحبا بالناس أنفارك [٤] ... إذ جهلت رفعة مقدارك

لو أنها قد أوتيت رشدها ... ما برحت تعشو إلى نارك

ثم تعرّفت كيفيّة انفصالكم وأنه كان عن رغبة من السلطان المؤيّد هنا لكم فرددت وقد توهّمت مشاهدتكم هذه الأبيات.

لك الله يا بدر السماحة والبشر ... لقد حزت في الأحكام منزلة الفخر

ولكنّك استعفيت عنها تورّعا ... وتلك سبيل الصالحين كما تدري

جريت على نهج السلامة في الّذي ... تخيّرته للنشر منك وللحشر [٥]

وحق بأنّ العلم ولّاك خطّة ... من العزّ لا تنفك عنها مدى العمر

تزيد على مرّ الجديدين جدّة ... وتسري النجوم الزاهرات ولا تسري

ومن لاحظ الأحوال وازن بينها ... وكم لذوي الدنيا الدنيّة من خطر [٦]


[١] نسبة إلى بنت (معجم البلدان) وقد ضبطها ابن خلدون بضم الباء وبكسرها.
[٢] الجيّاب: هو ابو الحسن علي بن محمد بن سليمان الغرناطي الشهير بابن الجياب (٦٧٣- ٧٤٩) .
[٣] هو ابو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الحسني السبتي المعروف بالشريف الغرناطي (٦٩٨- ٧٦٠) .
[٤] وفي نسخة ثانية: لا مرحبا بالناشز الفارك.
[٥] وفي نسخة ثانية: تخيّرته أبشر بأمنك في الحشر.
[٦] وفي نسخة ثانية: ولم ير للدنيا الدنية من خطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>